2013/10/05

التاريخ بعد ألف عام..

(ياسر قشلق)
وردتني رسالة من إحدى الصديقات تسألني فيها لماذا لا أفتح مركز أبحاث.. فأرسلت لها هذه الرسالة: بعد ألف عامٍ من الآن سيكتب التاريخ عنّا.. الآتي: العرب دخلوا القرن الحادي والعشرين بجيشٍ عرمرمٍ من المفكرين والمثقفين وأصحاب شهادات الدكتوراه... لكنّ العرب لم يخرجوا من القرن الحادي والعشرين أبداً. العرب امتلكوا في القرن الحادي والعشرين مئات مراكز البحوث والدراسات والمؤسسات الاستراتيجية... لكنّ العرب لم ينتجوا سطراً استراتيجياً واحداً ينجيهم من خطر الانقراض.. فانقرضوا.



 العرب في القرن الحادي والعشرين كانوا يتلصّصون كالذئاب على ثقافةٍ غربيةٍ كانت تتغزل بأهميتهم القصوى في الوجود. تغزّلت بجغرافيتهم. بثرواتهم. بسمائهم. اليوم –أي بعد ألف عام- تتحدث هذه الثقافة نفسها عن العرب بسخرية كما تتحدّث عن حيوان الماموث.. بعد ألف عام.. انقراض العرب في القرن الحادي والعشرين لن يحيّر علماء الغرب مثل انقراض الديناصورات. ولن تخرج نظرية علمية واحدة تفسّر هذا الاختفاء الفكاهي للعرب من مسرح الحياة. لن يشغل أحدٌ ما نفسه بهم. فالعرب في القرن الحادي والعشرين كانوا يملكون جيشاً عرمرماً من المفكرين.. وكانوا يتلصصون كالذئاب.
* * * * * هل كنت يا حاج لتصدقني إن أقسمت لك أن العرب في طريقهم المحتّم إلى الزوال؟! أعتقد أنك لن تفعل حتى لو جلبت لك ماموثاً من قرنيه. فأنت يا حاج يمكن لك أن تصدّق أي شيء إلا حقيقة انقطاع نسلك المحترم من هذا الوجود الذي تعتقد أنه بحاجةٍ ماسّةٍ إليه. أنت يا حاج تصدق أنّنا نملك فعلاً مفكرين.. لكنك لا تستطيع تصديق أنهم لا يستطيعون التفكير. ولا تصدّق أيضاً حقيقة أن كل مراكز أبحاثنا وهمية لا تستطيع لو اجتمعت أن تنتج ما ينتجه مركز أبحاثٍ واحد في الغرب. نعم الغرب الذي لن يشغله يا حاج انقطاع نسلك المحترم من الوجود. مراكز أبحاثنا يا حاج.. هي بأفضل الأحوال صالونات سياسة للتسلية وجمع النساء الجميلات اللاتي تهوى سماع آخر النظريات حول انقراض الديناصورات.. فهل تصدقني أم أنّي مضطر فعلاً لأجلب لك ماموثاً من قرنيه؟! ربّما سأكتفي بتركك ترحل إلى عالمه الفسيح.. عالم الكائنات المنقرضة؟!!
* * * * * وبعد انقراض الحاج ونسله المحترم من الوجود.. سيسخر الغرب منه بقسوة. لن يرحموا ذكراك الطيبة يا حاج. ستلوكك ألسنتهم كالبعير. وسيتندرون على سذاجتك وجلبابك الأبيض. ولن يكون وقتها أحدٌ من نسلك المحترم موجوداً ليدافع عنك. فالكل قد زال، وأنت وحدك المسؤول عن ذلك يا حاج. فأنت الذي صدّقت أنّ لدينا مراكز أبحاث وبداخلها يجلس مفكرون. وأنت أيضاً من اعتقد أن ساداتنا وموالينا الكرام سمحوا بفتح هذه المراكز لتقول لك أن نسلك المحترم سيزول عن الوجود في القرن الحادي والعشرين!! ألم أخبرك من قبل أن مراكز أبحاثنا صالوناتٌ للتسلية وجمع النساء. لماذا كابرت وقتها يا حاج؟ ولماذا جعلتني أتلصص كالذئاب لأجلب لك ماموثاً من قرنيه..؟!


ليست هناك تعليقات: