2013/10/07

الحياد البذيء ..

(ياسر قشلق) مها طه
يُشاع أن الرحيل كان مرّاً هذه المرّة. فالبحارة رفضوا أن يحمل شعبي وطنين معه في الذاكرة. قالوا له إن المركب لن يقوَ على حمل وجعين دفعةً واحدة. كابر شعبي كعادته لكنّ البحّارة دفعوا بفلسطين لأول موجةٍ ألقت عليهم نشيد الرحيل.
يُشاع أيضاً أن فلسطين غرقت في البحر.. فادعوا أيها البطل ما بقي من أوطانٍ تتلوا على زبدها ما تيسَّر لها من ألم. واخرق مركبك الورقي واغرق ما فيه من صلواتٍ لها ودعواتٍ لم تجاب. وقل لشعبك الطيب أن ينتظرك في ميناءٍ آخر لا يرسل الأوطان إلى حتفها بسفنٍ صدئة. وهدّئ من روع الريح قليلاً فثمّة شطآنٌ أخرى باتت على محكِّ الهاوية..
ويا شعبي.. أقرئ بلاد لجوئك الجديدة سلامي. بلّغها أنّ غربتي عصيّةٌ على لجوءٍ جديد. وأنّ قلبي الصغير لم يعد يتسع لعلاقةٍ هزليّةٍ أذرف فيها مزيداً من الحنين. أخبروا بلادكم أني ما عدت أقوى على رحيلٍ آخر فأنا رجلٌ في منتصف الغياب. سأبقى عند حافة هذا الشاطئ المتكسّر حيرةً ووحشة. أنتظر خروج "فلسطيني" من البحر لأمسح عن كبريائها ما علق من زبدٍ ودموع. ففلسطين غرقت في البحر. أعني هكذا يشاع.