2014/03/13

حتى تسقط ممالك الريح.. 

 (ياسر قشلق)
تحدّثت مراراً أن الخليج العربي لن يكون بمنأى عن نيران الصراع في المنطقة والعالم، وأن حجم الصدع الذي ستحدثه هذه النيران ستغير وجه الخليج إلى غير رجعة. اليوم.. بدأت ارتدادات الصراع العالمي تأتي أُكلها بين الدول الخليجية، وأصبح الخلاف والاختلاف يتسرب حتى إلى داخل البيت الخليجي الواحد. ربما الشيء الوحيد
الذي لم يطاوله الخلاف بعد هو اللباس الخليجي "الدشداشة" بوصفها "تراثاً" يصعب التخلي عنه في القرن الحادي والعشرين! وبما أن "أهل مكّة أدرى بشعابها"، فإن العربان – وبالذات آل سعود – استشعروا حجم الخطر القادم إليهم، ولكن متأخرين كالعادة، لذلك اتجهت السعودية لإجراء مفاوضات بشكل سرّي مع إيران في سلطنة عُمان وبرعاية مباشرة من قابوس، عساها تنقذ ما يمكن إنقاذه عبر تحالف الساعات الأخيرة مع عدوتها المفترضة إيران تمنع عبره كل من أميركا وروسيا من صرف ورقة أوكرانيا على أراضيها، لكنها فشلت في رأب الصدع الحاصل مع طهران، وكان هذا الفشل نتيجةً طبيعيّةً لحدة الصراع داخل آل سعود والذي يشكل الصراع على الحكم أساساً له لكنه ينعكس في الانقسام حول السياسة الخارجية، والنتيجة النهائية لهذا الفشل أن السعودية ستواجه بـ"سيقان عارية" وحش التقسيم المقبل إليها لا محالة. زيارة أوباما المقبلة للرياض خلال الشهر الجاري ستكون بمثابة نقطة بذيل صفحة العلاقات السعودية – الأميركية، إن لم يكن العلاقات الخليجية – الأميركية، وبعد الزيارة ستفتح صفحة جديدة، لن يستطيع خلالها أي شيء أن يمنع العلاقات بين الطرفين من التدهور، حتى محاولة السعودية التقارب مع "إسرائيل" لن تشفع لها، ولن تبعد عنها خطر التقسيم المقبل. ما يدور خلف الكواليس حكماً هو أعمق بكثير مما تفصح عنه وسائل الإعلام، هناك خلافات خليجية حقيقية، قد يكون قرار سحب السفراء من قطر أحد تجلياتها، لكنها خلافات في حقيقتها من المجهول الآتي والذي سيصيب قلب أنظمة الحكم الخليجية. ربّما لعنة الدماء السورية قاربت أن تطاول الجميع، حتى الأخضر الإبراهيمي سيتقدّم باستقالته من هذا الملف، وباعتقادي أن رسالة الرئيس الأسد التي أطلقها من عدرا بالأمس قد وصلت للجميع: "هذه الأرض للسوريين.. وسوريا أكبر من أن توضع بجيب أحد، عربياً كان أم غربياً". قد يكون الحديث عن نهاية الصراع مبكراً، ورغم ذلك أعتقد أن معالم الطريق باتت واضحة، وحتى إن حاول البعض طمس آثارها، فهذا أمر جدّ طبيعي ويجب ألا يكون عامل قلقٍ لنا، فطالما أن سوريا بالنسبة لهم أصبحت مشكلة تؤرّقهم، فعلينا نحن أن نعقدّها عليهم، نعقّدها حتى تسقط ممالك الريح..

ليست هناك تعليقات: