2009/05/23

كي لا تضيع الفرصة من جديد

(ياسر قشلق)
هل بات مطلوباً من السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته منذ أشهر أن يكرس الانقسام الفلسطيني عشية زيارته إلى واشنطن عبر تشكيل حكومة جديدة برئاسة السيد سلام فياض. وهل بات لزاماً على السيد عباس أن يستبق كل زيارة له إلى واشنطن من خلال تقديم أوراق اعتماد خاصة ممهورة بإصراره على إدارة ظهره لأصوات أبناء شعبه، الذي يدعي تمثيله، وتنكره لإرادة أبناء (فتح)، التي وصلت باسمها إلى أرفع المواقع. بل هل بات من متطلبات تسوية الصراع التاريخي بين الحق الفلسطيني والاغتصاب الصهيوني أن يتمسك نتنياهو بيهودية الدولة ويرفض حل الدولتين، وأن يتمسك عباس بالمقابل بانقسامية السلطة الفلسطينية بواقع الحكومتين في الضفة وغزة. .



وهل بات كذلك من شروط نجاح المبادرة الأمريكية المرتقبة للسلام في الشرق الأوسط أن يتجاهل رئيس السلطة الفلسطينية مجريات الحوار الوطني الفلسطيني الدائر في القاهرة، لاسيما بين حماس وفتح بل أن يسعى لخلق معطيات تطيح به أو تثير إشكالات أمامه على أبعد تقدير. أسئلة قفزت إلى الأذهان فور الإعلان عن تشكيل السيد سلام فياض حكومة جديدة أقسم أعضاؤها اليمين على احترام دستور تبطل أحكامه ومواده الدستورية هذه الحكومة وشرعيتها، كما تطعن بدستورية وصلاحية الجهة التي أصدرت مراسيمها، ناهيك عم يثار من علامات استفهام حول توقيتها وتركيبتها ومعارضة الغالبية الساحقة من أعضاء المجلس التشريعي الأسرى منهم وغير الأسرى الحمساويين منهم والفتحاويين على حدٍ سواء. لكن رب ضارة نافعة كما يقولون، فلقد كشفت ملابسات تشكيل الحكومة ومواقف الكتلة البرلمانية لفتح عن عمق الهوّة المتزايدة بين السيد عباس وأكثرية قيادات فتح وكوادرها، وهي هوة كشفت عنها أيضاً الخلافات الحادة الدائرة داخل اللجنة المركزية لحركة فتح واللجنة التحضيرية لمؤتمر فتح الخامس، حيث يجري تأجيل المؤتمر المرتقب منذ سنوات، المرة تلو الأخرى بهذه الذريعة أو تلك في محاولة مكشوفة لإلحاق الحركة المناضلة التي أطلقت رصاصة الثورة الأولى بسلطة وهمية تتغذى من واقع الانقسام الفلسطيني وتستمد وجودها عبر الإذعان لإملاءات العدو. ورب ضارة نافعة لأن حكومة فياض الجديدة قد وجدت بعد تباعد بين حماس والغالبية الفتحاوية بل بين فصائل فلسطينية هامة سواء من كان منها منطوياً تحت لواء منظمة التحرير أو من كان عاملاً في إطار التحالف الفلسطيني المعارض للسلطة. لقد فتح السيد محمود عباس وهو المنتهية ولايته دستورياً وفكرياً وفلسطينياً بقراره تشكيل حكومة جديدة برئاسة فياض الأبواب أمام فرصة تاريخية جديدة في حياة النضال الفلسطيني هي فرصة إعادة التلاقي وتجاوز الانقسام بين فصائل فلسطينية كبرى طالما تسلسل عبر الخلاف بينها كل دعاة الاستسلام وحملة نهج التفريط داخل فلسطين وخارجها. هذه الفرصة تحتاج من الجميع العمل للاستفادة منها سواء من خلال جمع الحوار الفلسطيني في القاهرة وإعادة الاعتبار لنهج المقاومة والتمسك بالثوابت الفلسطينية بتشكيل حكومة مقاومة تدير شؤون البلاد المحتلة منها وفلسطينيو الشتات بعد أن ثبت عجز مسار سياسي تنازلي مستمر منذ سنوات، ناهيك عن بطلانه وبعد أن اتضح تهافت رهانات السلام والمفاوضات والعملية السياسية التي لم تكن سوى غطاء الاستمرار في تهويد القدس وبناء المستعمرات والجدار، تصعيد العنوان والاغتيال والاعتقال والتمهيد ليهودية دولة يصبح ممكناً بموجبها طرد ما تبقى من الفلسطينيين من أرضهم. هل يدرك المعنيون وخصوصاً في حماس وفتح أهمية الفرصة التاريخية المتاحة لاسيما بعد الصمود التاريخي لغزة التي ما زالت محاصرة وبعد التطورات الدولية والإقليمية المتسارعة وبشكل خاص بعد ما يشبه الإجماع الفلسطيني على رفض حكومة فياض. هل نستفيد من الفرصة أم نبقى كما يقال دائماً شعب الفرص الضائعة؟..

ليست هناك تعليقات: