2010/03/10

في انتظار القيامة..

(ياسر قشلق)
منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية وحتى اليوم ونحن نطالع نفس الوجوه.. نزدرد نفس الأفكار ونتطلع إلى المستقبل بنفس الرؤى، وقيمنا التي كانت يوماً شريعة حياة مقدسة شاخت مع من شاخوا فلم تعد مقاومتنا مجدية ولا استشهادنا مربح ولا صمودنا مدهش.. أصبحنا ذكرى ثوار.. واختزلت القضية ببندقيةٍ صدئة معلقةٍ إلى جوار فلسطين.. فلسطين التي تحولت بدورها إلى تذكار!






وكلما ازداد جدار اليأس ارتفاعاً بوجوهنا قالوا لنا صبراً ليست هذه هي النهاية التي نعدكم فيها!.. ليست هذه هي النهاية؟! حسناً؛ إن لم يكن ضياع الوطن "نهاية" ولا استباحة المقدسات "نهاية" ولا انتهاك حرمة الدم الفلسطيني "نهاية".. فما هي النهاية إذاً؟


أنا على يقينٍ أن ساداتنا الكرام يطلبون منا التحول إلى قطيع نعام يدفن رأسه في التراب منتظراً معركة القيامة مع اليهود! لننتظر، ولكن هل ستقودنا حكمتهم إلى النصر في ذلك الحين؟ لننتظر فقد تكون "نهاية".


كن ما تريد ولكن حافظ على خطابك القديم!
يدهشني السياسي الفلسطيني.. بالأمس البعيد كان عضو كنيست.. طُرد؛ فأصبح فتحاوياً.. ملّ؛ فناوش أفكار حماس ردحاً من الزمن.. تعب؛ فأصبح مفكراً عظيماً.. وهاهو اليوم من كبار المنظّرين للقضية الفلسطينية بل لكل القضايا العربية، ولكن بلسان عضو كنيست!


وسياسي آخر جرّب كل شيء.. اليسار واليمين.. وأقصى اليسار وأطراف اليمين.. فشل! قرر أن يصبح مستقلاً..
لكن لا يوجد في فلسطين خطاب خاص للمستقلين! أيقن فجأة أن ذلك غير مهم، تعلم سريعاً حكمة زميله عضو الكنيست: كن ما تريد ولكن حافظ على خطابك، نفض الغبار عن خطاباته القديمة.. والآن هو يلقي مرةً خطاباً يمينياً ومرةً خطاباً يسارياً ولكن بوصفه مستقلاً!


مستقلون في وطنٍ محتل
بحثت جاداً منذ أسبوع عن معنى أن يكون الفلسطيني "مستقلاً"، لم أهتدي لنتيجة، كان القاموس الفلسطيني خلواً من معنى يرضي الفضول، سألت نفسي كيف يكون الفلسطيني مستقلاً في وطنٍ محتل؟! وعن ماذا يكون الاستقلال؟! فتح في رام الله تقول: "ثورة حتى النصر" وحماس في غزة تقول: "مقاومة حتى النصر" وباقي الفصائل تغزل في إحدى هاذين المغزلين، المتطابقين في المعنى المختلفين في كل شيء آخر، فكيف يكون الاستقلال؟! لعل المستقل الفلسطيني ينوي الاستقلال عن الوطن، ربما و"لكم وطنكم ولي وطني"!


إقصاء الإنسان.. ومصادرة الإنسان
حين يسألوني سؤالهم المعتاد "أين كنت حين كنا نناضل؟" والشرر يتطاير من عيونهم نحوي، أبتسم وأجيب: كنت ألعب "دحاحل"، م دحّلة، والآن كبرت وأريد أن أجد وطني على طريقتي!


هم لا يعلمون أن مشكلتهم ليست معي، مشكلتهم مع الطبيعة.. مع قانون النمو الذي خضعت له كما الجميع لكنني فشلت أن أدجّن لأصبح إما مشروع شهيد كما يريد مناضلونا القدامى، وإما مشروع خائن كما تتمنى إسرائيل! فشلت في ذلك فماذا أصنع إن كنت لم أتعلم أيضاً فضيلة الصمت؟! بل ماذا سيفعل أولو الأمر مع آلاف الشباب الفلسطيني الذين فشلوا كما فشلت؟! هل سيجدون حلاً بعيداً عن ثقافة الاغتيال؟! هذا أيضاً حلم!


أراد ناجي العلي يوماً أن يعلم الفلسطيني ثقافة القانون بدلاً عن ثقافة الدماء.. أن يصبح الذهاب إلى المحكمة عادةً بدل الذهاب إلى القبر.. فشل ناجي العلي في ذلك، رحمه الله.

ليست هناك تعليقات: