2010/04/02

المقاومة بمؤخرة عارية!!

ياسر قشلق
(ياسر قشلق )
يذكرني البيان الذي ألقاه رفيق الحسيني مدير مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله وادّعى فيه أن «الشريط الجنسي هدف لابتزازه مالياً وسياسياً حين كان يقاوم الاحتلال والفساد في القدس، وأنه وضع عباس في أجواء هذه القضية في ذلك الحين»، يذكرني، بقصة رجلٍ يملك وفراً من نخوة الرجال، تقول القصة: اقتحمت ذات يوم عصابة لصوص منزلاً وجدت فيه زوج وزوجة فربطوهما واغتصبوا الزوجة قبل أن يسرقوا المنزل ويلوذوا بالفرار.. وبعد أن فك قيدهما طلق الزوج زوجته فاستنكرت: 'ألم أقاومهم فاغتصبت أمام عينيك؟!'، قال: 'بلى، لكن لم يكن هناك من داعٍ لتأوهاتك وأنت تغتصبين!!'، أقول لعباس الذي كان على علم بالشريط قبل حصول الفضيحة الإعلامية: هكذا تكون الرجال، وأكتفي بهذا.


ومع ذلك؛ لا تتوقف الفضيحة الأخيرة على بطولة الحسيني النادرة بمقاومته للاحتلال «عاري المؤخرة»، ولا تتوقف كذلك عند إعجاب رئيسه (عباس) وقتها بهذه البطولة السبق، وإنما تتعداهما للحقيقة المرة التي أصبحت عليها «السلطة الفلسطينية» والمتمثلة بتحولها الفاضح لمجرد غطاء لعصابة انتهازية وصولية لا هم لأفرادها سوى الإثراء السريع ولو على حساب لقمة المواطن الفلسطيني.
ربما من الممكن أن يقبل المواطن الفلسطيني بحقيقة أن ترأسه «عصابة مافيا فلسطينية» رغم مرارة وقسوة ذلك، ولكن هل يمكن لهذا الفلسطيني أن يقبل أيضاً أن تكون هذه العصابة بدائية على هذه الشاكلة؟! هل يمكن لهذا الفلسطيني أن يقبل بعد اليوم تكرار أسلوبها الغبي نفسه في مداراة فضائحها بمجموعة تصريحات تتحول لفضائح أخرى؟! وهل يعقل أن تكون هموم حكومات بلاد الدنيا قاطبةً الانتقال من مشروع تنموي إلى آخر وهموم «السلطة الفلسطينية» بالمقابل لا تعدو محاولات ستر فضيحةٍ تلو أخرى 'تقرير غولدستون، الفساد المالي، ما تم تسريبه مؤخراً حول اشتراك السلطة في اغتيال المبحوح في دبي...'؟!


ودون الإسهاب بطرح مزيدٍ من الأسئلة التي تثير الغيظ والحسرة في آن، أقول فيما يتعلق بالمسؤول السابق في جهاز المخابرات العامة الفلسطينية فهمي شبانة التميمي، وهو من يقف وراء تسريب الوثائق للتلفزيون الإسرائيلي، أقول: إني موافق على كل ما قيل بحقه، من قبل بعض المنتفعين بسلطة أوسلو، وما لم يُقل وأزيد عليها «ربنا يصطفل فيك يا شبانة» فأنت لست خيراً من زميلك «أبو اللطف» الذي تحدث بعد سنوات على رحيل ياسر عرفات عن اشتراك «أصابع عباسية» في مقتله، فكان حديثه بعد فوات الأوان جريمة أخرى أبشع من الأولى حتى وإن كانت حقيقية.


وبعيداً عن أسلوب «السلطة الفلسطينية» الجديد الذي باتت تنتهجه بمقاومة الاحتلال والمتمثل بمواجهته بـ«مؤخرات عارية» والذي لا يعدو برأيي أكثر من نتيجة لاتفاق أوسلو «المبارك» عام 1993، بعيداً عن ذلك؛ ثمة «تراجيديا» من نوع مختلف بتنا نسطرها نحن العرب مؤخراً في كتب التاريخ أعتقد أن أنسب اسم لها هو «تراجيديا الفضيحة»، وأبطالها طبعاً هم نحن «عرب الفضيحة» بلا فخر، وأعتقد أيضاً أنه لو حاول أكثر مزوري التاريخ براعةً تمويه ومداراة هذه الفضائح لفشل فشل الغراب تقليد عزة الصقور! ثم أي فضيحةٍ بعينها سيحاول مداراتها؟ الجدار الفولاذي؟ أم فتاوى الأزهر «الشريف»؟ أم الورقة المصرية وتوقيعها الفضيحة؟ أو ربما تكون الأولوية لستر فضيحة ثورتنا بعد أن أصبحت عاطلة عن الوطن؟ هل نكمل ونتحدث عن أسر مليون ونصف المليون فلسطيني في غزة؟ أو عن حفلات الود والمصافحة العلنية التي يقيمها بعض العرب مع أبناء عمومتهم اليهود المتصهينين؟! أو ما يحدث فوق القدس وتحتها من فضائح تاريخية كبرى؟!!..


منذ أيام كنت أتصفح مكتبتي فوجدت قصيدة الراحل نزار قباني «متى يعلنون وفاة العرب؟» وكما هو معروف فإن القصيدة أحدثت حين نشرت في أواخر التسعينيات ضجة واسعة خاصة بين مثقفي مصر الذين اعتبروها انهزامية وداعية إلى اليأس إلخ... بالعادة كانت تصيبني كآبة من هذه القصيدة كلما قرأتها، إلا أني حين انتهيت منها هذه المرة ضحكت بأعلى صوت ولا أعلم تحديداً لماذا؟ ربما لأن أحداً ما في مكان ما من هذا العالم قد أعلن حقاً موت العرب!!.. ربما.


خارج النص: رعب من طرف واحد..
تتحدث بعض التحليلات عن «توازن رعب» بين «حزب الله» اللبناني وإسرائيل.. أعتقد أن خطاب السيد حسن نصرالله مساء الثلاثاء أثبت خطأ وجهة النظر هذه، فأن تقابل التهديدات التي أطلقها، قصف تل أبيب في حال تعرض الضاحية للقصف، بأوامر من الجانب الإسرائيلي بالتزام الصمت حيالها، فهذا يعني أننا أمام حالة جديدة يسود فيها «رعبٌ من طرف واحد» يمارسه «حزب الله» منفرداً على العنجهية الصهيونية.


وفي الصمت الإسرائيلي أيضاً ردٌ من الحزب بطريقة غير مباشرة على الهجمة «العربية» ضده في السنين القليلة الماضية والقاضية بأنه «يحاول اختراق المنطقة»، فصمتها دليلٌ على أن «حزب الله» كان همه فقط تغيير عقلية إسرائيل لتصبح أكثر «عربية»، وأظن أنه نجح في ذلك، فقد جاء اليوم الذي بتنا نرى فيه إسرائيل تتقبل الإهانة وتصمت مثل معظم العرب!


شكراً يا سيد المقاومة..

ليست هناك تعليقات: