زورنا التاريخ ففضحتنا الجغرافيا
القضية الفلسطينية ليست كأي قضية أخرى على وجه الخليقة. هي منذ الأزل معلقةٌ بقلق وجودي بين تاريخٍ عظيم وجغرافيا لئيمة. ليس منها ولا فيها تاريخ يرحم أو جغرافيا تعطف.
تنبّه الصهاينة لهذه الحقيقة قبل ولادة حركتهم بكثير، انكبّ مفكروهم، وعلى رأسهم "موسى هس"، لحل التناقض، اعتقد الحمقى أن تزوير التاريخ سيخلصهم من لعنة الجغرافيا. أخطأوا بل كفروا..! تزوير التاريخ تفضحه الجغرافيا، وهذا ما حصل. أنفقوا عقوداً من الحفر العبثي بحثاً عن أساطير وأوهام.. والجغرافيا تقف ساخرةً فوق رؤسهم: لن أسمح لأحدٍ بتزوير التاريخ!!
نحن أيضاً انتبهنا لعظمة تاريخ أرضنا، لكننا وبدل عن جعله سلاحاً معنا حولناه سلاحاً علينا. وجدنا فيه حملاً ثقيلاً أردنا التخفف منه أمام قسوة الجغرافيا. كانت «العهدة العمرية» كابوساً لم نستطع الخلاص من وزرها. وسيف صلاح الدين أُسقط من يدنا وسُلّط على رقابنا الغضة. أردنا الخلاص. فوقعنا بالخطيئة نفسها.. تزوير التاريخ! صنعنا «ثورة» أقرب ما تكون إلى الضوضاء وأقحمنا فيها «فاتحين جدد» وعملقناهم فوق أكتافنا ما استطعنا لننسى «الفاتحين القدامى»، ومع ذبول «ثورتنا» لم نجد تاريخاً نتبناه غير تاريخ غزاتنا فرضينا «صاغرين» بقسمته «الطيزى»، وأنهينا صراخنا بمبنى للرئاسة في رام الله وآخر للحكومة في غزة، فعلنا كل ذلك وقبل أن نتلذذ بإنجازنا حلّت علينا «لعنة الجغرافيا» وانقسمنا.. وهانحن اليوم نتجرع مرارة خطيئتنا وقد أصبحنا شعباً واحداً يحمل وزر تاريخين.. على جغرافيا أصبحت بفضلنا جغرافيتين..!
انتهت الثورة فأين كشف حسابها؟!
أعتقد أن الشيء الوحيد الذي يتفق عليه كل الشعب الفلسطيني اليوم، ولو ضمنياً، هو انتهاء «الثورة الفلسطينية». بالطبع يحق للشعب أن يسأل كيف وعلى يد من انتهت ثورته وقد كان وقوداً لها، لكن من حقه أكثر أن يطالب من يفاخر إلى الآن بأنه أطلق شرارتها الأولى بتقديم كشف حساب تفصيلي لها، من حقه أن يسأل لأجل من رمّلت نساؤه ويتّم أبناؤه؟ من حقه أن يسأل عن الفارق بين أن يكون «مشروع شهيد» باسم الثورة وبين أن يصبح «مشروع شهيد» باسم السلطة؟ أو إن شئتم أن يسأل عن الفارق بين أن يقتل على يد جندي صهيوني أو أن يقتل على يد «أخيه» الفلسطيني؟ من حقه أن يسأل، أيضاً، عن الفارق بين لجوئه في «أوسلو» بإشراف السلطة وبين لجوئه في الشتات بإشراف «منظمات التسول» العالمية؟!
هل يجرؤ أحد من القابعين في مباني السلطة اليوم أن يجيب هذا الشعب عن أسئلته؟ أتمنى لو أن أحداً يفعل، وسنسميه حينئذٍ «قائداً تاريخياً» رفض انتهاء ثورته هباء.
بناء الدولة الفلسطينية.. من أين نبدأ؟
فياض يريد إعلان الدولة الفلسطينية العام المقبل. هو يدرك أكثر من الجميع أن الفلسطيني لن يرَ دولته قبل أن يعقد صلحاً بين التاريخ والجغرافيا على أرضه. يدرك أيضاً أن شروط عقد مثل هذا الصلح لم تكتمل ولن تكتمل في المستوى المنظور. أصرّ على رأيه ورؤيته، بحث عن مقدمات لمشروعه فلم يجد أمامه سوى (اتفاقية أوسلو) يجعلها نواة دولته القادمة، مع علمه المسبق أن «إسرائيل» تضرب (أوسلو)، ومن أنجزها، كل يوم بعرض الحائط.
لنأخذ ما جرى مؤخراً مثالاً على عبثية حديث فياض عن دولة فلسطينية قبل تحقيق شروطها الموضوعية. قرّر الجيش الإسرائيلي فجأةً تهجير فلسطينيي غزة المقيمين في الضفة الغربية، لاحظوا لعنة الجغرافيا كيف تلاحق الفلسطينيين، و(اتفاق أوسلو) الذي يريده فياض نواةً لمشروع إطلاق الدولة يعترف بالوحدة الإدارية والسياسية لشطري (منطقة الحكم الذاتي الفلسطيني)!!
لنترك «أوسلو» وشأنها ولنتعامل مع الضفة بصفتها الحقيقية، أراضٍ محتلة، أوليس في تحدي «إسرائيل» للقانون الدولي الذي «يجرم تهجير سكان الأراضي المحتلة إلى أراض أخرى» رسالة تهديد واضحة بحرق كل الملايين التي ينفقها فياض على بناء مؤسسات الدولة الموعودة؟! ألا يكفي هذا القرار حتى يثوب فياض إلى رشده ويتوقف عن تسويق الأحلام للشعب الفلسطيني؟!
سؤال أخير: ألم يحن بعد الوقت الذي نؤمن فيه أن قيام الدولة الفلسطينية يستحيل وجوارها «جيشٌ له دولة»؟!
القضية الفلسطينية ليست كأي قضية أخرى على وجه الخليقة. هي منذ الأزل معلقةٌ بقلق وجودي بين تاريخٍ عظيم وجغرافيا لئيمة. ليس منها ولا فيها تاريخ يرحم أو جغرافيا تعطف.
تنبّه الصهاينة لهذه الحقيقة قبل ولادة حركتهم بكثير، انكبّ مفكروهم، وعلى رأسهم "موسى هس"، لحل التناقض، اعتقد الحمقى أن تزوير التاريخ سيخلصهم من لعنة الجغرافيا. أخطأوا بل كفروا..! تزوير التاريخ تفضحه الجغرافيا، وهذا ما حصل. أنفقوا عقوداً من الحفر العبثي بحثاً عن أساطير وأوهام.. والجغرافيا تقف ساخرةً فوق رؤسهم: لن أسمح لأحدٍ بتزوير التاريخ!!
نحن أيضاً انتبهنا لعظمة تاريخ أرضنا، لكننا وبدل عن جعله سلاحاً معنا حولناه سلاحاً علينا. وجدنا فيه حملاً ثقيلاً أردنا التخفف منه أمام قسوة الجغرافيا. كانت «العهدة العمرية» كابوساً لم نستطع الخلاص من وزرها. وسيف صلاح الدين أُسقط من يدنا وسُلّط على رقابنا الغضة. أردنا الخلاص. فوقعنا بالخطيئة نفسها.. تزوير التاريخ! صنعنا «ثورة» أقرب ما تكون إلى الضوضاء وأقحمنا فيها «فاتحين جدد» وعملقناهم فوق أكتافنا ما استطعنا لننسى «الفاتحين القدامى»، ومع ذبول «ثورتنا» لم نجد تاريخاً نتبناه غير تاريخ غزاتنا فرضينا «صاغرين» بقسمته «الطيزى»، وأنهينا صراخنا بمبنى للرئاسة في رام الله وآخر للحكومة في غزة، فعلنا كل ذلك وقبل أن نتلذذ بإنجازنا حلّت علينا «لعنة الجغرافيا» وانقسمنا.. وهانحن اليوم نتجرع مرارة خطيئتنا وقد أصبحنا شعباً واحداً يحمل وزر تاريخين.. على جغرافيا أصبحت بفضلنا جغرافيتين..!
انتهت الثورة فأين كشف حسابها؟!
أعتقد أن الشيء الوحيد الذي يتفق عليه كل الشعب الفلسطيني اليوم، ولو ضمنياً، هو انتهاء «الثورة الفلسطينية». بالطبع يحق للشعب أن يسأل كيف وعلى يد من انتهت ثورته وقد كان وقوداً لها، لكن من حقه أكثر أن يطالب من يفاخر إلى الآن بأنه أطلق شرارتها الأولى بتقديم كشف حساب تفصيلي لها، من حقه أن يسأل لأجل من رمّلت نساؤه ويتّم أبناؤه؟ من حقه أن يسأل عن الفارق بين أن يكون «مشروع شهيد» باسم الثورة وبين أن يصبح «مشروع شهيد» باسم السلطة؟ أو إن شئتم أن يسأل عن الفارق بين أن يقتل على يد جندي صهيوني أو أن يقتل على يد «أخيه» الفلسطيني؟ من حقه أن يسأل، أيضاً، عن الفارق بين لجوئه في «أوسلو» بإشراف السلطة وبين لجوئه في الشتات بإشراف «منظمات التسول» العالمية؟!
هل يجرؤ أحد من القابعين في مباني السلطة اليوم أن يجيب هذا الشعب عن أسئلته؟ أتمنى لو أن أحداً يفعل، وسنسميه حينئذٍ «قائداً تاريخياً» رفض انتهاء ثورته هباء.
بناء الدولة الفلسطينية.. من أين نبدأ؟
فياض يريد إعلان الدولة الفلسطينية العام المقبل. هو يدرك أكثر من الجميع أن الفلسطيني لن يرَ دولته قبل أن يعقد صلحاً بين التاريخ والجغرافيا على أرضه. يدرك أيضاً أن شروط عقد مثل هذا الصلح لم تكتمل ولن تكتمل في المستوى المنظور. أصرّ على رأيه ورؤيته، بحث عن مقدمات لمشروعه فلم يجد أمامه سوى (اتفاقية أوسلو) يجعلها نواة دولته القادمة، مع علمه المسبق أن «إسرائيل» تضرب (أوسلو)، ومن أنجزها، كل يوم بعرض الحائط.
لنأخذ ما جرى مؤخراً مثالاً على عبثية حديث فياض عن دولة فلسطينية قبل تحقيق شروطها الموضوعية. قرّر الجيش الإسرائيلي فجأةً تهجير فلسطينيي غزة المقيمين في الضفة الغربية، لاحظوا لعنة الجغرافيا كيف تلاحق الفلسطينيين، و(اتفاق أوسلو) الذي يريده فياض نواةً لمشروع إطلاق الدولة يعترف بالوحدة الإدارية والسياسية لشطري (منطقة الحكم الذاتي الفلسطيني)!!
لنترك «أوسلو» وشأنها ولنتعامل مع الضفة بصفتها الحقيقية، أراضٍ محتلة، أوليس في تحدي «إسرائيل» للقانون الدولي الذي «يجرم تهجير سكان الأراضي المحتلة إلى أراض أخرى» رسالة تهديد واضحة بحرق كل الملايين التي ينفقها فياض على بناء مؤسسات الدولة الموعودة؟! ألا يكفي هذا القرار حتى يثوب فياض إلى رشده ويتوقف عن تسويق الأحلام للشعب الفلسطيني؟!
سؤال أخير: ألم يحن بعد الوقت الذي نؤمن فيه أن قيام الدولة الفلسطينية يستحيل وجوارها «جيشٌ له دولة»؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق