2010/04/29

لأجل عينيك كرهت السلام..!

مهداة إلى روح الشهيد علي السويطي الذي اغتالته القوات الصهيونية يوم الإثنين ومثّلت بجسده الطاهر أمام مرأى ومسمع من «العالم الحر» بأسره!!   
 (ياسر قشلق)
من قتلك يا علي؟!
قتلك «السلام الأعمى» فلا تصدقهم حين يقولون لك إن حقداً أعمى أرداك، حقد المحتل أصيلٌ كوجودنا على هذه الأرض!. ولم تقتل بالأمس أيضاً.. «أوسلو» كانت أول طعنةٍ تتلقاها في صدرك، و«خارطة الطريق» هي من أرشدتهم إلى منزلك، والرباعية حاصرتك..! فلا تعتب على جنديٍّ اقتلع عينيك المدهشتين في لحظة طيشٍ عابرة كالموت.. لا تعتب فهو أراد تذكاراً لمحبوبته، وليس في الوجود تذكارٌ أجمل من عينين حزينتين كعينيك يا علي!!



شيعك المئات يا صديقي ولكن دون حضورٍ رسمي، لا ممثلين عن رئاسات ولا مجالس ثورية ولا أحد.. هم خجلوا من السير خلفك وهم يجهلون من في النعش أنت أم ضميرهم؟ أنت أم سلامهم الزائف؟ أنت أم بندقية صدئة استبدلوها يوماً بمعاهدة «أوسلو»؟!


عيناك ولست أنت.. ففيم العجب؟!
كنت تدرك أيها السويطي أن عينيك هما المستهدفتان وليس أنت.. فعيناك هما القضية.. هما الشاهدان على سلامنا الزائف.. هما الشاهدان على ثورتنا المزورة.. وعلى إنسانيتنا الكاذبة.. هما الشاهدان على مفاوضاتٍ عبثية في كل شيء إلا في تنظيم هزيمتنا..
عيناك أيها السويطي وليس أنت! كنت تعلم هذا، لكنك تعلم أيضاً أن اقتلاعهما بعد موتٍ مدهش يسيء لهم لا إليك فلم تخرج من عرينك مهزوماً لتوقع معهم وثيقة تسليمهما كمخنثي «أوسلو»، أردت أن يقتلعوهما لك لتطعن في وجودهم الزائف على أرضنا، ولتطعن في زيف سلطتنا.. سلطتنا يا علي التي قال «رئيسها» لأعدائنا وأصدقائه وقد اطمأنّ أن عينيك لم تعد تراقبانه أنه يرفض إعلان قيام دولتنا دون موافقتهم..! تخيل كم كان خائفاً من عينيك؟! تخيل أنه قال أيضاً إنه يعارض سجن «شاليط» وأقسم لهم إنه طالب حماس بأن تعيده إليه حتى يسلمه لـ«إسرائيل»! هل رأيت؟ التخلص من عينيك هو قضيتهم! وسوى ذلك تفاصيل هامشية، موتك نفسه تفصيل لم يعكر حتى «صفو» العالم الحر! فهل تعتقد أن أحداً بهذا العالم الصفيق سيهتم إن بقي لك عينان تُسملان عند موتك؟!
لأجل من نستشهد؟! هل تعلم يا علي لمَ لم يُجفل موتك المدهش أحداً؟! لأنك يا صديقي لست بشهيدٍ لـ«الثورة»، «الثورة» استقالت حين خرج أصحابها من الخنادق ودخلوا مكاتبهم المكيفة. دمدمت يومها: «خُدعت.. كانت موظفة بأيديهم برتبة ذريعة.. وهاهم يتركوني عند أول سلطة وجدوها!!». استقالت فكانت أول ثورةٍ تستقيل في التاريخ. صفقت باب الوطن خلفها وهي تردد بحزن: «لن يفتحك أحد دوني.. وحينها لن أسمح لأحد أن يزوّرني من جديد»!
منذ ذاك اليوم ودمنا أصبح رخيصاً يا علي.. لا يكترث أحد لموتنا ولا لتشردنا ولا لأسرنا.. لكن، وللتخفيف عنا زرعوا فينا مفكرين من أبناء جلدتنا ليحدثونا عن الفرق بين الموت على يدي حكومةٍ يمينية وأخرى يسارية!


هل تدري أنك لو مت على يدي اليسار لكانوا فقؤوا لك عيناً واحدة يا علي!! هذا الكلام ليس لي، هذا كلامٌ يردده مفكرٌ كبير، بحجم هموم الوطن، يعتقد أن بإمكانه اليوم إشعال ثورةٍ بعود ثقابٍ مبلل..! هو يحاول.. ونحن مللنا من الانتظار!!


عذراً يا علي.. ولكن لأجل عينيك كرهت السلام! رحمك الله.


 صحيفة "الوطن" السورية

ليست هناك تعليقات: