2011/05/26

نتنياهو.. اخرس وارحل


ياسر قشلق

نحن الفلسطينيين لسنا بحاجة إلى كونغرس من الدمى يصفق لنا كما يصفق لنتنياهو حتى نعود إلى أرضنا.. ولا إلى شرائع أمم مزورة تسوّر لنا سجناً في أرضنا ليكون لنا وطناً.. ولسنا بحاجة لمبادرات عربية وغير عربية حتى نصبح عرباً من جديد.. نحن الفلسطينيين عبثيون حتى الموت، وفي يومٍ لم نعد نذكره أحرقنا جميع الدمى المسرحية بحطب الشرائع وأسلمنا رؤوسنا لوسادة الإنسانية.

نتنياهو في خطابه الأخير أمام الكونغرس الأميركي أعاد المُعاد منذ بدء مراحل الانحطاط والاستسلام العربية المتدحرجة منذ اتفاقات 1978، طالب أبطال ومروجي «استسلامنا» الأشاوس بالتخلي عن حق العودة والاعتراف بـ«يهودية إسرائيل» والتعهد بدولة «منزوعة السلاح» وبوجود عسكري إسرائيلي طويل الأمد على الحدود مع الأردن وبـ«تمزيق» الاتفاق مع حماس... كي يوقع اتفاق «السلام» معهم!!

كلام نتنياهو ليس موجهاً للذين امتلكوا الإرادة لتحرير الأرض والمقدسات الفلسطينية التي تمثل رسالة وهوية فلسطين العربية.. إنما هو للذين قبلوا الاستسلام لإرادة الغاصبين، للمتفرجين على التاريخ من بعيد، للمعتدلين حد القرف، نتنياهو أراد أن يكون كلامه مرآةً تعكس لهؤلاء جميعاً عُريّهم وصفاقتهم ومبادراتهم الخرقاء، وليفضح حقيقة أن اللاهثين وراء «السلام» مع «إسرائيل» ما كانوا يوماً دعاة حق وحرية إنما دعاة مصالح شخصية ضيقة لا تلقي بالاً لا إلى «موتنا المقدس» ولا إلى «مقدساتنا الموشكة على الموت».
هل من كلام لـ«عرب الاعتلال» عن السلام بعد هذا الكلام؟
قولوا أيها «العربان» عنّا ما شئتم.. فنحن لم نلقب «لاجئين» بفضلٍ من اللـه بل بفضل اعتدالكم وسلامكم.. لكننا سنمحو هذا اللقب ونعود إلى أرضنا بفضلٍ من اللـه هذه المرة وبمقاومتنا ووحدتنا.
قولوا عنا ما شئتم.. فنحن لا نصلح لسلامكم ولا لسلامهم.. وآذاننا صمّت من أصوات قذائفكم وقذائفهم فلم نسمع لا نشيدكم ولا نشيدهم.
الحقيقة الإسرائيلية الزائفة أعادها نتنياهو ولا جديد فيها، أما الحقيقة فهي التي قلناها يوم ولد أجدادنا على هذه الأرض: فلتجدوا أرضاً غير أرضنا فأرض اللـه واسعة، أما أرضنا فقد ضاقت علينا بما رحبت. دفعنا عن كل شبرٍ فيها شهيداً، ولكل حبة ترابٍ فيها هناك شهيد ينتظر.. على أرضنا لا فرق بين القدس وصفد.. على أرضنا كل شجرةٍ قدسٌ مباركة، وكل شبرٍ أقصى مبارك، وكل بيتٍ كنيسة مهد، وكل حجرٍ مغارة، وكل دربٍ هو مسرى للرسول وطريقٌ للعودة..
خذ علماً نتنياهو أننا لن نقبل من فلسطين بديلاً.. فهي تعيش فينا ونعيش فيها.
خذ علماً أننا ترعرعنا في الشتات وحلم العودة لا يفارقنا.
خذ علماً أننا ننظر إليكم كمجرمين وقاتلين ومغتصبين للأرض وترأسون جيشاً من حثالة الوحوش.
خذ علماً أن أطفالنا لا ينامون كل ليلةٍ، قبل أن يستمعوا لقصص الأجداد في فلسطين... وأن وصية أجدادنا وآبائنا هي العودة.
خذ علماً أننا لن ننتظر جيلاً بعد لنحرر أرضنا فنحن جيل التحرير.
خذ علماً نتنياهو أننا عائدون بقوة اللـه والقضية والإنسان.
لقد قلت نتنياهو كلاماً تشاؤه، وسمع الكلام من يشاء، وسيلبي من يشاء، ولكن شئنا أن نبرهن يوم النكبة الماضي لك وللأقربين قبل الأبعدين، أنه ليس بالكلام وتصفيق الدمى وتآمر الشرائع تطوى قضيتنا..
أنت تملك القنابل النووية لكنك لا تملك جيل العودة والتحرير..
أنت تملك وهم البقاء ونحن نملك حلم العودة..
نحن اكتشفنا حجم الخدعة وعرفنا طريق العودة.. وأصبح بالنسبة لنا كنزهة العشاق.. ونحن نصفي أعمالنا لنذهب إلى أرضنا.
لم يعد بقاؤكم بيننا ممكناً ولا عودتنا إلى أرضنا مستحيلة.
شئنا في يوم النكبة أن نترجم للجميع أن سلامكم لا يعنينا، فاصنعوا هذا السلام بعيداً عن أرضنا، وعن مسرى نبينا، وبعيداً عن قدسنا ومهد مسيحنا... اصنعوا سلاماً على قياسكم، فهو لن يرتقي إلى مستوى شعبنا.
خذ علماً نتنياهو أننا سنعود إلى أرضنا، وأن القدس عاصمة فلسطين، وأن دولتنا ستبنى، وإذا أردت أن تسعى للسلام مع أي دولةٍ عربية فاذهب إلى أرضها وخذ المستوطنين خارج حدود فلسطين.
نتنياهو، لقد عرفنا طريق عودتنا فابحث عن طريق فرارك أنت وشذاذ الآفاق، واخرس وارحل.

ليست هناك تعليقات: