2013/10/10

أنا أسأل فقط..

 (ياسر قشلق)
تحدثت بعض الأنباء أن حماس قاتلت حزب الله في القصير. وبالأمس أطلّ رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل على الضاحية الجنوبية عبر شاشةٍ من تركيا ليحاضر في ورشة عمل لأجل القدس ضمّت مقاومين من حزب الله.
وقيل سابقاً إن حماس خرجت من سورية لأنها اتّخذت موقفاً ضد النظام السوري. وإيران - حليفة سوريا - لا زالت تدعم حماس ماديّاً ومعنويّاً. أخيراً: بعض حمائم السياسة في إيران يصفون حماس بأن نصفها مقاوم والنصف الآخر غير مقاوم!! ما سلف ليس متاهة سياسية، إنّما هو نذرٌ يسير مما يمكن الحديث عنه حول حماس. وهو يحمل كمّاً من التناقضات قادرة على جعلك تتساءل: من هي حماس؟ وهل أصبح هناك أكثر من حماس واحدة؟ بل أكثر من ذلك: حجم التناقضات هذه يجعلك تطالب بإيجاد قائمة بأسماء "الحمساويين" المعترف بهم حتى لا نجلس مع أحدهم ونكتشف في الآخر أننا نجلس مع "عميل" بنظر أحدٍ ما. بالحقيقة ليس في نيّتي الحديث عن حماس. ولا عمّن يدعمها أو يوقف الدعم عنها. لكن ورشة العمل التي نظّمتها بالأمس مؤسسة القدس الدولية في الضاحية الجنوبية حول القدس تركتني في حيرةٍ من أمري. بالبداية صدمت، بل أكاد أقول ذهلت، حين اكتشفت أن مؤسسة القدس الدولية لا زالت على قيد الحياة، ولا زالت قادرة على تنظيم مؤتمرات وورشات عمل لأجل القدس. لكن حين بدأت الكلمات تتالى على ألسنة "المقاومين" نسيت أمر المؤسسة وبدء يداهمني شعورٌ موحشٌ بالغربة عن فلسطين برمّتها. فلا زال من يسمّون أنفسهم بـ"قادتنا" يؤكدون أن فلسطين هي البوصلة، لكنّهم وفي واقع الأمر يتقافزون من عاصمةٍ لأخرى لأجل الحفاظ على وجود تنظيماتهم عبر ربطها بأحلافٍ مشبوهة تحفظ لهم استمرار تدفق المال السياسي اللازم لحفظ ولاءاتهم الرخيصة. ولا زالوا أيضاً يتشدقون بأن فلسطين قضية الأمة العربية والإسلامية رغم علم الجميع إلى أين أوصل العرب والمسلمون فلسطين، ورغم علم الجميع أيضاً بأنه لم يعد هناك لا أمة عربية ولا أمة إسلامية، فكيف يكون لشيء غير موجود بالأصل قضية؟ وكيف سيدافع هذا اللا شيء عن قضيته؟ للتذكرة فقط: ما أنفقه العرب والمسلمون على تدمير سورية كان كفيلاً بتحرير أميركا - وليس فلسطين فقط – وإعادة الهنود الحمر إليها. أقول للمقاومة مجتمعة: اخدعني مرةً عارٌ عليك، اخدعني مرتين عارٌ علي. أعتقد أنه كان الأولى لورشة العمل التي عقدت لأجل إيجاد سبل الدفاع عن القدس، أن تكون جلسة مكاشفة للشعب الفلسطيني المكلوم توقف هذا الفلتان السياسي. كان أولى لهؤلاء القادة أن يخبروا شعبهم الذي ضاقت به الأرض إلى أين وصلت القضية الفلسطينية؟! كان أولى لهم من نقاش الحفاظ على حجارة القدس لو أنهم ناقشوا كيف يقضي الإنسان الفلسطيني غرقاً في البحر بحثاً عن أرضٍ تحتضن أطفاله؟! أوليس هدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من قتل مسلم؟ أوليس الفلسطيني مسلماً؟!! أكتب بحسرةٍ وحيرةٍ في آنٍ معاً. حسرتي على ما آلت إليه قضية الإنسان الفلسطيني. وحيرتي من هذه المعسكرات وتناقضاتها. أسأل نفسي في أي معسكرٍ أقف اليوم؟ هل أقف في الضفة الغربية مع معسكرٍ أميركيٍّ - عربي يضم بين ظهرانيه إسرائيل؟! أم في غزة مع معسكرٍ نازي تلوكه التجاذبات السياسية وتنخره التناقضات حتى النخاع؟! هل فعلاً يعتبرني البعض مسيئاً حين أطالب بأن يتوقف التدخل في فلسطين؟ هل في اعتباري فلسطين قضيةً فلسطينية إساءةً للعرب وللمسلمين حقاً؟ أليست فلسطين قضية إنسانٍ أولاً على آخر قبل أن تكون قضية حجارة وممتلكات؟ ألم تتدهور القضية الفلسطينية لأننا أهملنا الإنسان الفلسطيني؟ هل يوجد بين كل من يدّعون حرصهم على القضية الفلسطينية من هو قادرٌ على أن يعطي الفلسطيني قلماً وبندقية في آنٍ معاً؟ هل للفلسطيني بنظر الجميع الحق بالاختيار بين القلم والبندقيّة؟ أنا أسأل فقط. أنا أسأل فقط وليس لديّ مشكلة مع أحد. حتى مع "قادتنا" سواء أطلوا علينا من الدوحة أو اسطنبول أو طهران أو الرياض. مشكلتي هي في فلسطين مع عدوّي الصهيوني. ومشكلتي أنّي لا أرى القدس إلا مدينة فلسطينية. لا هي عربية ولا إسلامية وبالتأكيد ليست يهودية ولن تكون. ومشكلتي بآمالي التي أصبحت تنحصر بأن يخرج من شعبي الذي أبحر خلف البحار جيلٌ يعود لفلسطين محرراً بالقلم والبندقية معاً..

ليست هناك تعليقات: