2013/12/08

الحل ليس سياسي

(ياسر قشلق)
 يشيعون أن الحل في سوريا يجب أن يكون حلاً سياسياً، أنصحكم بعدم تصديق هذا الكلام فهذا الحل المزعوم في أحسن أحواله هو لإضاعة الوقت وتمييع الحل الحقيقي، ولنتذكر جميعاً أنه بالأصل لم تكن المشكلة سياسية حتى
يكون حلها سياسياً، فهل ينفع دواء الحمى لعلاج الجدري؟! ما تعانيه سوريا بالأصل، أعني حتى قبل الأزمة الحالية، هو مشكلة اجتماعية بحتة، لدينا في سوريا صراع طبقات وليس صراع سياسيين أو أحزاب سياسية، لدينا هوّة بين الغني والفقير، وهوّة أخرى بين المسؤول والمواطن، وثالثة بين المثقف والبسيط، ورابعة بين ابن العائلة والمغمور، وخامسة وسادسة.. ما نعانيه في سوريا أن أحداً لم يتجرأ على ردم الشرخ الذي يفصلنا عن بعضنا، وبالتالي كان هذا الشرخ يتسع يوماً بعد يوم، فكانت النتيجة أخيراً أن سقطنا به جميعاً في الخامس عشر من آذار من عام 2011، لقد حفرنا قبوراً وكنّا نحسبها أنفاقاً للمترو. أعود للحل والمشكلة، لأؤكد أن الحل اجتماعي، ومن يقوده يحتاج إلى معول بيده ليردم ما يفرق بعضنا عن بعض، يجب أن يهدم به مفاهيمنا البالية وقوانيننا المتكلسة وسلوكنا المتعجرف وقيمنا المتحجرة، وهذا المعول يجب أن يكون سوريّاً بامتياز، لا عصاه إقليمية ولا حديده أميركي ولا اليد التي تحمله روسية ولا موديله إيراني.. فهذه الصبغة والهالة الدولية والإقليمية يجب أن تسقط ليكون هناك حل اجتماعي داخلي حقيقي. يجب أن نبدأ بإخراج كلاً من المسجد والكنيسة من قلوبنا وإعادتهم إلى مكانهما الصحيح داخل العقل لنعي من جديد أنهما أديان محبة وسلام، ويرفضان من يسفك الدماء باسمهما ولأجلهما. يجب أن نعيد تدوير عجلة العدالة وفق قوانين تطال الجميع دون استثناء. يجب أن نبدأ بتقبل التغيير الذي حصل، وأن نصحح ما فيه من أخطاء، وأن نغير موقفنا مما فيه من حقيقة إن لم تكن وفق أهوائنا. إن الأمس لن يعود مهما تباكينا عليه، فلنعمل على حاضرنا لنبني مستقبلاً يليق بما نحن عليه من حضارة تضرب آلاف السنين في التاريخ. أعود لأقول: إن الصراع في سوريا ليس بين طرفين، إنه من طرف واحد على سوريا نفسها، فلنكن جميعاً في طرف سوريا ضد كل من سولت له نفسه على إسقاطها، وفي مقدمتهم العرب الأغبياء الذين آن لهم أن يعرفوا أن سقوطهم هم أقرب بكثير من سقوط سوريا الوطن والتاريخ والحضارة والتعايش.. أخيراً === أريد أن أشير إلى اقتراب موعد لقاء مرتقب – لم يعلن عنه – بين كيري وظريف، وفي تقديري سيكشف الكثير عما يدور في فلك مصير الخليج الذي أضاع هويته بين فارسي وعربي. أما بالنسبة لتوزيع الدعوات لجنيف -2 من قبل بان كي مون، أقول: حتى لو حدد زمان ومكان المؤتمر الموعود، لا جنيف – 2 قبل دمشق – 1.

ليست هناك تعليقات: