2014/01/05

ويبقى الأمل

(ياسر قشلق)
 كما أخبرتكم سابقاً أن البائع الجوال جون كيري لا يشغله الآن سوى إخراج الاتفاق الفلسطيني – الإسرائيلي إلى النور بأي طريقة رغم هول الظلمات التي عقد فيها، لذلك تراه يحث الخطى إلى الأردن والسعودية لأخذ المباركة
العربية ظناً منه أنه يستطيع منح اتفاق الظلام شرعية الخروج إلى النور من خلال عرب قحطان..! أميركا تأخذ العرب بـ"المفرق"، على مبدأ نظرية الثيران الملونة، وتعلم تماماً نقطة ضعف كل دولة، وكيري عندما قرر الذهاب إلى السعودية أخذ بيده عصا دون جزرة، فقد قررت أميركا أن العرب لا يستحقون أية مغريات ليفعلوا ما تريد، فستكتفي معهم بسياسة الترهيب دون أدنى ترغيب، وتدرك الرياض تماماً أنه في حال تمنعها عن دعم اتفاق الظلمات بين السلطة و"إسرائيل" فإنها ستفتح على آل سعود أبواب السعير، أعني سيضع كيري العصا التي يحملها بيده في دواليب أي اتفاق سلس للحكم يجري الإعداد له داخل أروقة العائلة الحاكمة. السلطة الفلسطينية بقيادة أبو مازن لا تملك أي خيار سوى الرضوخ للإرادة الأميركية، ولو كنت بدل عباس – لا قدر الله – لكنت تقدمت باستقالة فورية، ليس هرباً من المسؤولية، إنما حتى لا يسجل التاريخ أنني وقّعت اتفاقاً نهائياً في مثل هذا الظرف التاريخي. اتفاق السلطة الفلسطينية مع "إسرائيل"، وهو إنجاز "إسرائيلي" بامتياز وليس فلسطيني، لن يكون نهاية الحكاية كون القادم للمنطقة سيجعلنا نترحم على خارطة سايكس – بيكو، فكل المؤشرات باتت تدل أننا على متن طائرة مخطوفة لا نعلم كيف ومتى وأين ستحط، بل لا نعلم من الخاطف ولا لأية أسبابٍ قام بخطفنا. والغوص بالتفاصيل موجع وقاسي. وعلى سبيل المثال: أبلغت دولة قطر حركة حماس أن تحث الخطى بحثاً عن ملجأ جديد لها. طبعاً إيران لن تستقبلهم، وعودتهم إلى دمشق غير ممكنة، وتركيا غير مؤهلة لاستضافتهم نتيجة كثير من التعقيدات على رأسها اقتراب موعد مغادرة أردوغان للحكم، ولمن يسأل عن مصر فإن القاهرة تفكر جادةً بترحيل موسى أبو مرزوق عن أراضيها. أتحدث عن حماس لأشير إلى مدى الحال الذي وصلت إليه القضية الفلسطينية عقب اشتعال الأحداث السورية، ولأشير إلى مدى ضحالة الخيار الذي اتخذته بعض الفصائل الفلسطينية. طبعاً الحل الوحيد أمام القضية الفلسطينية هو اشتعال انتفاضة تضع حداً للمفاوضات الهزلية الجارية، والتي لن ينتج عنها سوى تسليم الحقوق والأحلام. أمّا لبنان فبعدما خرج منه الدخان الأسود طيلة العام المنصرم، فهو اليوم يجلس على أهبة الاستعداد منتظراً أن تضغط "إسرائيل" زناد تفجيره كاملاً والذي سيتزامن مع زعزعة استقرار دول الخليج برمتها، سيحدث ذلك حتى لا يكون لدى أحد أي فرصة تمكنه من إطفاء النيران المستعرة. قال دنيس روس لصديقٍ زاره قبل فترة قصيرة: "لقد أشعلنا معركة سنية – شيعية ستمكِّن "إسرائيل" من حكم المنطقة مئة عام مقبلة".. ويحدثونك بعد كل هذا عن مؤتمر جنيف – 2، لا زلت عند رأيي، لن يكون هناك جنيف، وإن كان فلن يكون هناك أي سلامٍ يلوح في الأفق. نظرتي ليست سوداوية، وإن كنت أتحدث عن وقائع مؤلمة، إلا أن لدي أمل باستدراك هذا الواقع حتى لا يحصل ما يخشاه الجميع، ويبقى الأمل..

ليست هناك تعليقات: