2014/03/06

العرب.. من صراع الهُوية إلى صراعٍ بلا هُوية

( ياسر قشلق)
 لم يعد سرّاً دخول العالم مرحلة تغيّرٍ كلية، وما يدور اليوم بين روسيا وأميركا يثبت واقعاً مختلفاً تماماً لواقع القطب الواحد الذي فرضته واشنطن في القرن الماضي، فالمواجهة المفتوحة التي فرضتها موسكو على الولايات المتحدة والغرب عموماً تَعِد بأن وجه العالم قد تغير إلى ما دون رجعة.. وسيطال هذا التغير الجغرافية والديموغرافيا
بعدما طال المفاهيم التي سادت سابقاً. وإن كانت الصراعات التي دخلها العرب في القرن الماضي هي صراعات هُوية بامتياز بدءاً من الثورة ضد الأتراك مروراً بحروب الاستقلال ضد المستعمر الغربي وليس انتهاءً بالصراع مع العدو الصهيوني. فإن الصراعات التي تقوم بينهم اليوم والتي تدور رحاها بين واقع ما سُمي بـ"الربيع العربي" من جهة وبين واقع تغير العالم من جهةٍ ثانية، تثبت أنها صراعات بلا هوية، يكفينا دعم العرب لأميركا حتى تغزو العراق، وهجمتهم البربرية الحالية على سورية، وأخيراً الصراع الخليجي – الخليجي الذي تفجر بسحب كل من السعودية والبحرين والإمارات لسفرائها من قطر، أقول يكفي كل ذلك لنتيقن أن العرب فقدوا هويتهم بالكامل، لقد ضيعوا كل تراكمات الصراع في القرن الماضي سدىً وأثبتوا للعالم الذي يتغير بسرعة الضوء إلى الأمام أنهم كـ"بعر الجمال" لا يستطيعون الحركة سوى إلى الخلف. يدرك الغرب، وعلى رأسه أميركا، صعوبة الأخذ بيد العرب، فمن المستحيل مساعدة من ضيع هويته حتى يتكيف - أو على الأقل يدخل – إلى العالم الجديد، فأبسط ما يحتاجه الدخول هو الهوية، والعرب أضاعوها، وعلى ضوء هذا الضياع يمكن قراءة تصريحات أوباما التي دعا فيها "حلفاءه السنة" في المنطقة إلى تفهم علاقات بلاده الجديدة مع إيران!!! من الممكن أن يشهد العالم خلال السنين القليلة المقبلة حروباً مدوية قبل اعتراف الجميع بالتغييرات الحاصلة في الجغرافيا والمفاهيم، وليس مستبعداً وفق هذا المنظور اشتعال حربٍ عالمية ثالثة، ربما تنطلق شرارتها من سوريا هذه المرة وهو أمر ليس بالبعيد فلعنة الدماء البريئة لن تذهب أدراج السراب، لكن المهم هنا هو أين سيكون موقع العرب في حرب أو حروبٍ ستغير وجه العالم؟ والسؤال الأهم: هل سيبقى بعد هذه الحروب كائنات تدعى عرباً؟ ربما قصارى القول ما قاله مرّةً درويش: عربٌ أطاعوا رومهم/ عربٌ وباعوا روحهم/ عربٌ.. وضاعوا...

ليست هناك تعليقات: