2014/06/12

السعودية وقلب الطاولة 

(ياسر قشلق)
قبل نحو أسبوع تحدثت (هنا) أن الشهران (الجاري والمقبل) سيحملان العديد من المفاجآت، إن كان على صعيد الداخل السوري أو على الصعيدين الإقليمي والدولي، وقلت إن أحداً لن يستطيع التكهن بمقدار التحولات التي يمكن لهذه المفاجآت أن تحدثها.. اليوم نحن بصدد أولى المفاجآت، وأعني ما حصل من سيطرة (مدوية) لـ"داعش" على الموصل في العراق، لقد بدأت
صورة ما سيجري خلال هذين الشهرين تتضح بعض الشيء، ولنتحدث بشيءٍ من التفصيل: إن الهجمة "الداعشية" في العراق هي في معناها العميق عملية قلب للطاولة وخلط عشوائي للأوراق الإقليمية من قبل السعودية، فهاهي وبعد تحقيق ما سعت إليه في مصر تنتقل سريعاً لتضرب في العراق، مع فارق أن رسالتها (المصرية) وجهتها للغرب الذي دعم صعود التيار الإخواني، في حين أن رسالتها (العراقية) موجهة بالذات إلى إيران التي تستعد في الشهر العاشر لإعلان اتفاقها النووي مع الغرب ورفع العقوبات، ومن خلف الرسالة إلى إيران رسالة غير مباشرة إلى الولايات المتحدة، وهي تأتي بالتحديد عقب فشلها المدوي في سوريا. الخبر السيئ، أن السعودية لن تتوقف عند هذا الحد، فاليوم يجري التحضير لعقد مؤتمر لـ"منظمة المؤتمر الإسلامي" في جدة، وسينشأ على إثره حلف سياسي/ عسكري بين السعودية ومصر وباكستان لما سيسمى وضع حد لـ"النفوذ الإيراني" المتزايد في المنطقة. بالنسبة لأميركا، هي الآن في ورطة مزدوجة، فمن ناحية لن تستطيع أن تمارس ضغطاً على الرياض لوقف اندفاعتها الجديدة، ومن ناحية أخرى فإن الأسلحة التي قدمتها أخيراً للجيش العراقي أصبحت اليوم بيد "داعش". أما لماذا تعجز واشنطن عن لجم الرياض في هذه المرحلة؟ فببساطة خسارة السعودية في سوريا جعلها تصاب بهيستيريا دفعتها للخروج من بيت الطاعة الأميركي، وجعلتها تقوم بخطوات غير محسوبة العواقب. أما عن ردود الفعل المتوقعة، فأغلب الاعتقاد أن لا ردود فعل دولية منظمة ستحصل(في الوقت الحالي على الأقل)، أعني أننا لن نشهد تدخلاً خارجيّاً يأخذ منحى الحرب، قد نشهد طلعات لطائرات أميركية بدون طيران، وقد لا يحصل ذلك، ولكن ما سيحصل بشكل شبه مؤكد هو ردة فعل إقليمية تقودها إيران، وستكون ردة فعل عنيفة ستدفع بموجبها الرياض ثمناً باهظاً، ولن يكون بمقدور أحد توقع الشكل الذي ستتخذه ردة الفعل الإيرانية هل هي مباشرة أو غير مباشرة. أعود لأقول إن كل ذلك يرتبط بأحداث أخرى مفاجئة ستحصل خلال هذه الفترة القصيرة، وهي حالة تصعيد غير مسبوقة من كافة الأطراف الإقليمية والدولية لإعادة رسم المنطقة من جديد. يبقى سؤال قد يطرحه البعض، هل يمكن للسعودية أن تقوم بكل ذلك سواء في مصر أو في العراق؟ الإجابة بالطبع نعم، فهي صيغة "البترو – دولار" السحرية، وتوقعوا قريباً أن يخرج السيسي من القاهرة ليدعم الرؤية السعودية وليقف معها بتوجهاتها، ورغم ذلك أؤكد أن ما تفعله السعودية اليوم قد يبدو صغيراً جداً مقارنةً بما سيحصل لاحقاً ولن تستطيع السعودية الوقوف في وجهه.. وأكرر: لننتظر ونرى.

ليست هناك تعليقات: