(ياسر قشلق)
عندما تتوقف إيران عن اعتبار السنة مجرد طائفة وتبدأ بالتعاطي معها بصفتها الحقيقية كـ"أمة"، وتتوقف أمريكا عن التعاطي الأعمى مع هذه "الأمة" بموجب مراكز بحوث لا تبحث عنها، وتدرك السعودية أن الفروق الطائفية "لا تفسد" للوطنية قضية..
حين ذاك ربما تنتهي حاجتنا الماسة لنبيٍ جديد أو حتى ليوم قيامة يخلصنا مما وصلنا إليه..
مها طه
من السخرية بمكان أن تكون الأحداث التي تدور اليوم في عالمنا العربي قد عرضت في فيلم خيالٍ علمي أنتجته هوليود قبل عشرين عاماً واعتبرناه يومها سخيفاً حد الغثيان!
لكن السخرية الأكبر، أننا بتنا اليوم نبالغ بإيماننا بكل ما تتلفظ به رسل الغرب، من صحيفة الواشنطن بوست حتى التايمز البريطانية، فلم نجد ضيراً بعد هذا الإيمان في تحويل "عميل الاستخبارات" الأميركي إدوارد سنودن إلى نبيٍّ مرسل "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه"!!
لكن الحقيقة غير هذا الذي نؤمن به بالمطلق، الحقيقة أننا إلى اليوم لا نعرف أنفسنا، ونصدق كل كلمةٍ يقولها الآخر "العدو والحليف" عنا..!
لذلك صدق البعض منا مثلاً أن دمشق اغتالت الحريري ثم هو نفسه صدق لاحقاً أن الفاعل هو حزب الله، وهو ذات "البعض" الذي سيصدق الرواية التي يتم الترويج لها حالياً بأن "إسرائيل" قصفت موكب الحريري بصاروخ نيتروجيني أو ما شابه!!
لكن دعوني أقولها ثانيةً: نحن لا نعرف أنفسنا، وهنا قضيتنا..
أمريكا تعرفت علينا من خلال ما كتبه الاستعمار القديم "بريطانيا وفرنسا" عنا، وهؤلاء لمن نسي كانوا يسكنون بيوتنا.. فهل تعرفنا نحن على أنفسنا في هذه الأثناء؟!!
لنترك أمريكا جانباً، ماذا عن إيران؟ نحن على خصومة مع إيران أليس كذلك؟! هل يستطيع أحد أن يحدد لنا بدقة سبب خلافنا معها؟ هل يعود كما يروى لأطماعها الإمبراطورية الفارسية؟ أم للخلاف المذهبي بين السنة والشيعة؟ هل برنامجها النووي سبب الخلاف أم نتيجة له؟ وماذا عن الجزر الإماراتية؟ أو الأهواز العربية؟
دعوني أجيب بنفسي عن سبب الخلاف الإيراني العربي وعلى مسؤوليتي: السبب يعود أساساً للخلاف على تسمية الخليج، هل هو خليج عربي أم فارسي، أعلم أن هذا الكلام يبدو سخيفاً، لكن دعوني أقل لكم كلاماً أسخف منه: لقد سماه القذافي يوماً "خليج الخنازير" فانفجر ولي العهد السعودي وقتها الأمير عبد الله بوجهه غاضباً أمام الشاشات، ولم يسأل أحد لماذا غضب من أصبح ملكاً بعدها؟ هل لأنه يكره الخنازير أم لأنه يكره القذافي.. أنا على يقين أنه لم يغضب لأجل الخليج نفسه، الخليج بوصفه وطناً سواء أكان عربياً أم فارسياً..!
ولو شئتم الحديث حقيقةً ومن جديد عن سبب الخلاف بيننا وبين إيران، فدعوني أكررها للمرة الثالثة وبصورةٍ أكثر جدية: لأننا لا نعرف أنفسنا، وبالتالي من الطبيعي ألا نعرف الفرق بين "عدونا" و"حليفنا"!!
وللحديث بقية..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق