ياسر قشلق |
واختلفنا.. من يحب الله أكثر!! واتفقنا حتى نضع حداً لخلافنا، أن ينفرد كلٌّ بإلهٍ يحبه كما يشاء! فاختلفنا من جديد! في الحقيقة، اختلفنا هذه المرة في كل شيء، في القرآن وتفسيره، في الأنبياء ورسالاتهم، في الصحابة أكانوا حقاً أوفياء أم أصدقاء سوء، اختلفنا في كل شيء! وبدأنا بعدها نبني حول خلافاتنا أسواراً عالية
ليصعب على المختلفين عنا اختراقها، وجاء يومٌ موعود أطلق فيه سايكس وبيكو على تلك الأسوار تسمية حدود، وبدورنا أطلقنا جزافاً على ما بداخلها لقب "أوطان"، ورحنا نعبدها بشغف النسّاك..!! عبدناها – صراحةً – بدلاً عن الله..!! أتذكرون؟! هو الله نفسه الذي اختلفنا، بدايةً، من يحبه أكثر!! ومضت الحكاية.. حكايتنا.. قلنا: لا تقوم الأوطان بلا تاريخ، فتعالوا بنا نكتب تاريخنا. وبدأنا بالكتابة.. ويا للتاريخ كم هو محظوظ معنا..!! قدناه بكل ما فيه ووضعناه بقفصٍ مع كفار قريش وأغلقنا عليه عقولنا، ثم وبدل أن نكتب تاريخنا رحنا نكتب حكاية ليلى والذئب ونشتم بعضنا البعض، وكانت موهبتنا بالسباب نادرة، وبالخيال المريض أندر.. وسجّل يا تاريخ.. سجل فضيحتنا التي أسميناها: الحضارة العربية نكايةً بأبو جهل..!! أبو جهل الذي وضعناه في قفص كفار قريش.. ثم جاءت داعش.. ورجمت ليلى بتهمة المساكنة مع الذئب.. الذئب الذي هاجر لبلاد الكفار وأقسم عشرة بصمات في ألمانيا أنه حيوان وليس إنسان، أعني ليس إنساناً عربياً.. بعد ذلك، وضعت داعش حدّاً لسايكس – بيكو، وهدمت الحدود وسلخت جلد التاريخ – تاريخنا -، فظهرت عوراتنا، وكم كانت عوراتنا مخجلة يا صديقي، وكم ضحك علينا أبو جهل الذي نسيناه في القفص! وخرجنا نتظاهر بالملايين: الشعب يريد إسقاط الدم.. الشعب يريد إسقاط الدم.. وتلبيةً لمطالبنا، عينت داعش الدم ناطقاً رسمياً باسم ثورتنا.. وصرنا ننزف.. نزفنا دماً وصديداً.. عمره 1400 عام.. نسيت أن أخبرك أننا كبرنا، يا صديقي.. كبرنا حد الهرم، ولم نعد بحاجةٍ حتى يستعمرنا أو يستحمرنا أحد، كائناً من يكون، فنحن من بتنا نذبح بعضنا البعض.. وبالمجان يا صديقي.. بالمجان!! كل ما عليك فعله هو الجلوس على المدرجات ومتابعة صراع لا ينتهي.. بين (ماتادور) أحمق.. وثور أحمق منه..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق