2015/11/10

الانتفاضة الفلسطينية الثالثة.. خيار الكرامة لا رجعة فيه..

ياسر قشلق
(ياسر قشلق)
 لا غرابة في كلام أوباما أمام ضيفه نتنياهو حول تحميله للفلسطينيين مسؤولية ما وصفه بـ"العنف"، وهو بالتأكيد كلام مرسل ينطوي إما على غباء سيد البيت الأبيض أو على كذبه، وبكلتا الحالتين فإن التصريح لا يحمل جديداً سوى في جزئية واحدة هي توقيته، فهو يأتي في وقتٍ بدأت فيه الانتفاضة الفلسطينية
الثالثة تترسخ أكثر لتتسع رقعتها على المستويين الجغرافي والاجتماعي، بكلمات أخرى ما كان لنتنياهو أن يتجاوز خلافاته العميقة مع أوباما حول سياسات الأخير في الشرق الأوسط، وعلى رأسها سياساته فيما يتصل بـ"الملف النووي الإيراني"، ويقوم بزيارة واشنطن لولا شعوره بمدى جدية الانتفاضة الفلسطينية الثالثة وحاجته لحليفه الأمريكي ليغطي له انتقاله لمستوى جديد من العنف حتى يقمعها، أي أننا، ربما، سنشهد عقب هذه الزيارة جرائم صهيونية جديدة ضد الفلسطينيين المنتفضين. لكن الغريب على أية حال هو إصرار أوباما على تمريغ سمعة الولايات المتحدة في المنطقة كرمى لاستمرار الإجرام الصهيوني!! الغريب هو أن تصريحات أوباما تأتي بعد ساعات قليلة فقط من قيام ضابط أردني بفتح النار على مجموعة ضباط أمريكيين وإرداء ثلاثة منهم (بحسب أوباما نفسه خلال لقاء نتناياهو) في حادثة يقف الكره خلفها بالدرجة الأولى!! الغريب أن أوباما أطلق تصريحاته تلك في نهاية ولايته الثانية والأخيرة، أي أن لا مصالح انتخابية للرجل من إطلاقها!! الغريب أن تصريحاته تتزامن مع أحداث دامية و"إرهابية" يشهدها الشرق الأوسط بأسره، وهذه الأحداث بلغت حدّاً من الخطورة والتخطيط والتنظيم والسيولة (حادثة تفجير الطائرة الروسية في سيناء مثلاً) يشي بإمكانية منفذيها القيام بها في أي مكان في العالم، أو ضرب مصالح أية دولة وعلى رأسها مصالح الولايات المتحدة الأمريكية!! فلماذا إذاً تخاطر أمريكا بكل هذا ويصر قادتها على التعامي عن الحقوق الفلسطينية المشروعة وتغطية جرائم المحتل الصهيوني..؟!! الانتفاضة الفلسطينية الثالثة توجه اليوم صفعة مدوية للمحتل الصهيوني الذي حاول استغلال تردي الأوضاع العربية خصوصاً في سوريا ومصر للإجهاز على ما تبقى من القضية الفلسطينية، وهي بهذا توكيد جديد للاحتلال وحلفائه وعلى رأسهم أمريكا بأن الشعب الفلسطيني يمكن له أن يستريح لكن ذلك لا يعني موته أبداً، وبذلك فإن في الانتفاضة رسالة بليغة للكفيل الأمريكي للجرائم الصهيونية بأن أدوات العنف والقمع الصهيوني لا يمكن لها أن تجبر الفلسطينيين على توقيع صك استسلامهم أبداً، ولا يمكن لهذا العنف مهما بلغت حدوده ومهما فعلت أمريكا لتغطيته من طي صفحة القضية الفلسطينية، فهل يمكن لواشنطن بأن تستمر بتغطية الإجرام إلى الأبد..؟! أعتقد أن أمريكا ستفعل ذلك، وما تصريحات أوباما التي جاءت بدون أية مصلحة سوى محاباة "إسرائيل" إلا دليل صارخ على ذلك. كيان الاحتلال الغاصب سيستمر في انتهاج العنف ضدنا، ونحن الفلسطينيون اخترنا طريق الانتفاض لاستعادة أرضنا ومقدساتنا رغم غياب الجزء الكبير من العرب وتآمر جزئهم الباقي علينا، ورغم الدعم الأمريكي للجرائم المرتكبة ضدنا سنستمر، فلكلٍّ خياراته، وخيار الكرامة لا رجعة عنه.

ليست هناك تعليقات: