2015/10/27

الانتفاضة الفلسطينية الثالثة: إنها البداية فقط..!!

ياسر قشلق
(ياسر قشلق)
العالم بأسره يريدنا أن نصدق بأن عودة الشباب الفلسطيني المنتفض إلى بيته يصب في صالح القضية الفلسطينية، هذا على الأقل ما حاولت أمريكا التعبير عنه حين قررت تخفيض مساعداتها المقدمة للسلطة الفلسطينية 80 مليون دولار بحجة عدم قيامها بالدور المأمول منها في إجهاض الانتفاضة الثالثة. على الأرض،
لا يبدو أن الشباب المنتفض قد قرر إيقاف الانتفاضة بعد، وعلى العالم بأسره إدراك أن قراراً كهذا، أعني إيقاف الانتفاضة، لا يرتبط أبداً بحجم الضغوطات ولا التهديدات الموجهة ضدها، فلا إيقاف الدعم المالي ولا توقيع اتفاق مع الأردن حول الأقصى ولا أي إجراء من هذا القبيل بقادر على ثني عزيمة الشباب الفلسطيني الذي قرر أن السير بالطريق يلزمه قامة حرة ومنتصبة، وليس أناساً نسوا الوقوف وتحولوا لكائنات أسيرة المال والمصالح تزحف على بطونها لتحصل على الفتات من موائد اللئام، فهل من سبيلٍ لدى أي جهةٍ في العالم لكسر إرادة جيلٍ فلسطيني قرر الموت وقوفاً كالأشجار؟! دماء الشعب الفلسطيني ليست رخيصةً، ولا ماءً يغسله ماء لينتهي الأمر بحفلة تكاذب وابتسامات بشعة أمام كاميرات الإعلام، ولسان حال الشباب الذين يحملون راية الانتفاضة اليوم يقول إن الفلسطينيين ليسو هنوداً حمر تمحى قضيتهم بأغطيةٍ موبوءة أو أدويةٍ تصيبهم بالعقم! فالعقم موجود في عقول الفصائل الفلسطينية عديمة الوزن، التي عجزت عن ركوب موجة هذه الانتفاضة لخشيتها على مصالحها الإقليمية، ولإهمالها دور الشباب الفلسطيني. والعقم موجود كذلك في ذهنية العدو الصهيوني الذي عجز بعنصريته وجرائمه المقرفة عن الاعتراف بأبسط حقوق الشعب الفلسطيني. وأيضاً، العقم في أروقة الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية التي فشلت على مدار عشرات السنين بوضع حدٍّ لعنجهية الكيان الصهيوني، ورد أبسط حقوق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على تراب وطنه. العقم قائمٌ ومعشش برؤوس من نصبوا أنفسهم رعاة للسلام بين كيان الاحتلال والشعب الفلسطيني، والذين لم يرعوا طيلة سنوات النكبة إلا مصالح "إسرائيل"، ولم يحموا إلا المستوطنات واعتداءات قطعان المستوطنين على الشعب الفلسطيني الأعزل ومقدساته الإسلامية والمسيحية. العقم موجود في جلابيب العربان الذين يشوهون سمعة الفلسطيني وانتفاضته المباركة. موجود في تأشيرات الدخول التي يفرضونها على الفلسطيني للحؤول دون دخوله إلى بلادهم. موجود على معابرهم. تحت وسائدهم. في نفطهم... لكنه أبداً ليس موجود في عقل شابٍّ فلسطيني يقذف عدوّه بحجر. الجيل الفلسطيني اليوم أدرك حجم المتغيرات التي حصلت في العالم، ولم تعد تنفع معه شعارات مهترئة، ولا مجالس وطنية مسؤولوا الشباب داخلها تجاوزوا عمر السبعين، والأطر التنظيمية التي فرضتها الفصائل الفلسطينية طيلة السنوات الماضية باتت واهية وعاجزة عن حجز أحلام الشباب الفلسطيني خلفها كما لو أنهم في حظيرة. إن حجم الهجمة العالمية على الانتفاضة الثالثة يعكس مدى أصالتها وتخوف الجميع من تحولها لحركة تحرير شاملة، فالعالم بأسره مدرك أن الانتفاضة نفضت الغبار عن الوعي الفلسطيني لتعود فكرة الوطن وتتصدر قائمة أهداف الشباب الفلسطيني وكأنهم هم جيل النكبة نفسه، وكأننا عشية احتلال فلسطين ليس أكثر. وبهذا فإن الانتفاضة الفلسطينية الثالثة ليست هبة من أجل الخبز وتحسين ظروف المعيشة، إنها انتفاضة لأجل وطن، انتفاضة كشفت مدى هشاشة وزيف الكيان الصهيوني الذي وصل به التخبط لدرجة خروج نتنياهو ليشكك بنفسه بالهولوكوست وليتهم به العرب، إنها انتفاضة هدمت كل الأوهام الصهيونية بأن فلسطين طواها النسيان، إنها صرخة بوجه اليأس: إنها البداية فقط..!!

ليست هناك تعليقات: