2009/11/16

لا شيء شخصي أبداً..!

قشلق
(ياسر قشلق)
انتقدت في آخر زاوية لي تحت عنوان «الطفرة والتطور في المجتمع الفلسطيني» المسيطرين على الساحة الفلسطينية اليوم، منظمة فتح وحركة حماس، واعتبرت أن وجودهما على ساحة الصراع الفلسطيني هو «طفرة» وقفت بوجه «التطور» الطبيعي للمجتمع.
معظم الردود التي وصلتني على الزاوية اختلف أصحابها معي في وجهة النظر التي ذهبت إليها، سواء أكانوا من مناصري فتح أو حماس، وتحول رأيي بنظرهم -وبعضهم من المقربين- إلى أمر شخصي بيني وبين الحركتين دفعني إلى اعتبارهما عقبة بوجه القضية الفلسطينية!



قلتها سابقاً وسأعيدها، لا شيء شخصي أبداً بيني وبين أي أحد في قيادتي فتح ولا حماس، بل على العكس من ذلك تجمعني علاقات جيدة لحدود الصداقة مع كثير من الشخصيات في الحركتين، إلا أن هذه الصداقات لم تدفعني سابقاً ولن تدفعني مستقبلاً لمداراة ما أراه «حقيقة».. وبالتأكيد فإن هذه «الحقيقة» تبقى رأياً شخصياً لا أطالب أحداً أن يتبناه.


رغم ذلك؛ لا أنكر أن الآراء التي وردت والمناصرة لأحد أو كلا الحركتين دفعتني لإعادة النظر بالرأي الذي طرحته، وأعتقد أن ذلك أمراً طبيعياً يحصل مع كل كاتب.. إلا أن الحدث الذي تلا ذلك ورسخ قناعتي من جديد فيما انتهيت إليه من رأي هو إعلان «الرئيس» محمود عباس عدم رغبته ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، طبعاً هذا الحدث، انسحاب عباس المزعوم من رئاسة السلطة، لو وضع في سياقه لكان أكثر المعبرين عما عنيته في زاويتي، أقصد الطريق المسدود الذي انتهت إليه القضية الفلسطينية نتيجة إفلاس الأيديولوجيات التي ربطت كل من فتح وحماس نفسها بها.

سأركز الحديث في تتمة الزاوية على منظمة «فتح» والطريق المسدود الذي وصلت إليه كما أظهر ذلك قرار عباس، طبعاً لا يعني هذا أن الطريق مفروشة بالورود أمام حماس، فحركة «حماس» والتي بدأت في الثمانينيات كحاملة لواء المقاومة الفلسطينية، أخرجت نفسها وبسابق إصرار عن ساحة النضال الحقيقية، حين ارتضت أن تشارك في سلطة الوهم، ليقتصر نضالها بعد ذلك وبكل فخر على حفنة من الشعارات والخطب الرنانة، وبالتالي حالها ليس أفضل بكثير من حال منظمة «فتح».
وبالعودة إلى فتح التي أسرت نفسها نتيجة لاتفاقيات أوسلو بطريق المفاوضات مدى الحياة لدرجة الالتحام بها إلى أن خرج هذا النهج من إطار التكتيك –كما في كل المفاوضات التي تدور حول العالم- ودخل في إطار الإستراتيجية، وبالتالي أصبحت «الحياة مفاوضات» كما عند صائب عريقات.. وبالنتيجة النهائية ماذا حصدنا من هذا النهج طوال هذه السنين؟! لا شيء؛ وبلغة الأرقام صفر مبين!

ثم ماذا؟ ثم يأتي أخيراً محمود عباس ليعلن عبر قراره عدم ترشيح نفسه أنه مستاء من الجميع، بدءاً من أميركا وإسرائيل وصولاً إلى حماس بل وحتى إلى فتح!! حسناً؛ والقضية يا عباس؟! القضية يا أبناء شعبنا العظيم وصلت إلى طريق مسدود..!
نعم القضية وصلت إلى طريق مسدود، ولا عجب إن كان من أوصلها إلى هذا هو طريق المفاوضات متمثلاً بـ«فتح»، وطريق المقاومة متمثلاً بـ«حماس»، لا عجب لأن لا مفاوضات فتح مع إخفاء السلاح مفاوضات، ولا مقاومة حماس مع الرغبة بالسلطة مقاومة.

ويبقى السؤال لكل المستغربين توصيف فتح وحماس بالطفرة: هل شهد التاريخ شعباً محتل تفاوض منه فئة، فتح، محتلها مدى الحياة مع يقينها أنها مفاوضات عبثية؟! وهل شهد التاريخ حركة مقاومة، حماس، تطمح بالوصول إلى السلطة تحت الاحتلال قبل إنجاز ما نشأت عليه؟!
إن كانت الإجابة نعم ينتهي الحديث إلى غير رجعة، وإن كانت لا، وهي كذلك، فلنتوقف إذاً عن التعاطي مع القائمين بوصفهم «قدس أقداس» لا يجوز الاقتراب منهم، ولنتذكّر أنهم يتحملون جزءاً كبيراً من مسؤولية ما انتهت إليه القضية، يكفي أنهم حولوا فلسطين من قضية صراع مع المحتل إلى مجرد ورقة «مصالحة مصرية» حتى ننتقدهم بأعلى صوت ولا شيء شخصي في ذلك أبداً..!

ليست هناك تعليقات: