2009/12/15

أعطهم «سلطة» واترك الباقي لهم..!

(ياسر قشلق)
لم يستطع العدو أن يهزمنا، عقودٌ من الحرب والسجن والحصار والقتل والتعذيب، ولم يهزمنا، كل أنواع المحرمات الدولية المجربة فينا لم تكن قادرة أن تشغلنا ولو لبرهة عن الاشتغال فيه.. قاومناه بكل شيء، بالحجر والبندقية وبالكلمة..! كنا، وقتها، صامدون بوجهه، وبوجهه فقط، لم يكن لنا عدوٌ سواه، وجذورنا كانت متوحشة بأرضها أكثر من جذور التين..! كنا معضلة أمامه بحجم كارثة عجز عن المساس بها فكيف اقتلاعها..؟! وكان العالم بكل ما فيه من حكومات تقف معنا وتقف ضدنا، كان العالم، ينحني إكباراً لكبريائنا وصمودنا..!



كان هذا قبل اكتشاف عدونا سر قوتنا، قبل أن يكتشف أن هزيمتنا لا تقع على عاتقه هو إنما على عاتقنا نحن، قبل أن يعطينا لعبةً اسمها «منصب» ويوحي لنا أن المنصب «امتياز»، وأن الامتياز يعني أن نكون سادةً وعبيداً تحت إمرته! كان هذا قبل أن نُمنح «سلطة»..!

افرح أيها الشعب، فقد أصبح لديك سلطة، وللسلطة وظائف ليس منها مقاومة من يحتل أرضك، وظيفتها ترحيل قمامتك كل أسبوع بعد أن كان المحتل يرحلها كل يوم، وظيفتها بناء سجنٍ لك وجلب سجان لا يشتمك بلسان عبري مكسر إنما بلسان عربي فصيح، وظيفتها أن تأخذ من قوت يومك حصةً تحافظ بها على سلطة الأسياد والعبيد، وظيفتها أن توجه بندقيةً إلى صدرك إن فكرت بقذف حجرٍ بوجه عدوك وعدوها! افرح أيها الشعب، فسلطتك من شدة فرحها انقسمت سلطتان، فافرح..!

نعم؛ أعدنا إنتاج الموت بمعامل السلطة، إرهاب عدونا ضدنا على مر العقود الماضية ألصقنا عليه «صنع في السلطة» ووجهناه ضد أنفسنا، الاعتقال مارسناه ضد أبنائنا بسجون السلطة، حرياته قمعناها ببنادق السلطة، أرزاقه صادرناها باسم السلطة، وكتّاب مأجورين أصبح لدينا بأموال السلطة.. والمقاومة؟ المقاومة سقطت، ووعي المقاومة سقط، وسلاح المقاومة سقط، وأصبح المقاومون إرهابيون ملاحقون باسم القانون، قانون السلطة..!

كان عدونا ماكراً ونحن أغبياء، فهم قاعدة اللعبة الوحيدة: «دعهم يشتغلون بأنفسهم بدلاً عن الاشتغال بنا» فبدأ بحصاد الربح، استطاع أن يفك شيفرة ضعفنا «السلطة»، فأصبحت أولويته كيف يحافظ عليها، كان يغرر بنا كالأطفال ونحن نحسبه مشرفاً على الهلاك.. بكى وناح أمام العالم يوم فكرت «حماس» أن تشارك بالسلطة، لم نشك وقتها ولو للحظة أنه كان يدفعنا لإنهاء حماس عبر انتخابها، فانتخبناها وانتهت حماس على أيدينا نحن وليس بقوته هو.. فيال مكره ويال غبائنا.. كان يعمل يوماً على تقوية هذا الفصيل وبالذي يليه على تقوية آخر، كان يسعى لإبقاء الجميع ضعفاء منقسمين.. ونجح في مسعاه بفضلنا نحن.. فيالنا من حفنة أغبياء..!

هل يصعب بعد هذا تفسير كيف انتشت سلطة رام الله طرباً من تبني وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي لـ«الوثيقة السويدية» المعدلة رغم ما تشكله من تراجع وقح عن القرارات الأوربية نفسها الصادرة عامي 1980 –بيان البندقية- و1992 قبيل اتفاق أوسلو؟! لا أعتقد ذلك، فمع أن الوثيقة تتناقض مع كل القوانين والقرارات الدولية التي تطالب إسرائيل بالانسحاب الكامل من كل الأراضي التي احتلتها عام 1967 إلا أنها تبقى بوجهة نظر سلطة رام الله إنجازاً ضد سلطة القطاع! كيف لا وإسرائيل «بكت» حتى لا يتبناها الاتحاد الأوروبي؟!

ليست هناك تعليقات: