2014/01/29

المهم.. والأهم

(ياسر قشلق)
من المهم لمخيم اليرموك أن تتّحد الفصائل الفلسطينية الـ14 وتتفاوض لأجل إخراجه من الصراع السوري إلى الحياد.. لكنّ الأهم لو أنها اتّحدت قبل احتلاله، وقتها ما كان ليدخل إلى حلبة الصراع أصلاً. ومن المهم كذلك أن
يبكي "قادة الشعب الفلسطيني" لموت شعبهم جوعاً داخل مخيم اليرموك ولو من باب التزلف.. لكن الأهم لو أن هؤلاء القادة قدموا استقالةً جماعيةً استنكاراً لهذه المجزرة الصامتة، عندها كانوا سيجبرون العالم بأسره على البكاء. وربما تكون مفاوضات عباس مع "إسرائيل" مهمة بالنسبة له ولفريقه التفاوضي، أعني لزوم بقائهم في السلطة.. لكنّ الأهم لو أنه تفاوض مع شعبه أولاً ليقف على خياراته الحقيقية، وكان بالتأكيد سيبقى بالسلطة. ومن الممكن أن تكون محاولات فريق "التفاوض العباسي" لضم مستوطنةٍ هنا وأخرى هناك مهمة لأجل توسيع حدود الدولة الفلسطينية المأمولة، لكن الأهم لو أن هذه المفاوضات توقفت بالأصل قبل أكثر من عشرين عاماً، عندها كان يمكن لحلم الدولة الفلسطينية أن يتحول لحقيقة. ومن المهم أيضاً لعبّاس أن يمنح الجواز الفلسطيني لمن شاء من عاهرات الأرض، وهو يعتبر أن هذا "العطاء الرئاسي" من لوازم صناعته للشعبية حول العالم.. لكن الأهم لو أنه قام بمنح الجواز الفلسطيني لشعبه، كان عندها سيصبح الأكثر شعبيةً حول العالم. وأيضاً، من المهم لحركة حماس أن تكون شقيقة مصر وشقيقة السعودية وإيران وتركيا وقطر، وشقيقة من تشاء، وأمر كهذا يفهم من باب أن يكون لها ظهراً.. لكن الأهم لحماس لو أنها فكرت بجدية كيف تصبح شقيقة شعبها الفلسطيني، عندها فقط كانت تستطيع القول: أصبح لي ظهر، وظهري محمي. أخيراً، قد يكون النقد الذي يوجهه البعض لما يسمى بـ"الربيع العربي" مهمّاً وحقيقياً على الأقل من ناحية إبعاده للقضية الفلسطينية عن دائرة الاهتمام العربي الشعبي.. لكن أهم ما فعله هذا الربيع – برأيي – للقضية أنه أيقظ الفلسطيني من وهم الثورة ووهم القادة ووهم التفاوض ووهم النضال.. لقد أثبت هذا "الربيع" عظمة شعبٍ تخلى عنه قادته.

ليست هناك تعليقات: