ياسر قشلق |
بأسرها. علاوةً على يأسه من جدوى مقاومة الفصائل الفلسطينية بعد انحراف نهجها وأجنداتها لتصب في أقنية المصالح الإقليمية والدولية، وبكل تأكيد يأتي معبراً عن اليأس الأكبر من "كذبة" المقاومة السلمية أو الحراك السلمي الذي يروج له بعض "القادة الفلسطينيون" دون استحياء كما لو أنهم يعيشون في المدينة الفاضلة. وحراك الشارع الفلسطيني بذلك - والذي يتعمق يوماً بعد آخر ليتحول إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة – يتجاوز بفعله الثوري والعفوي كل محاولات إيقافه الواعية الصادرة من مختلف الأطراف التي تشتبك معه سواء أكانوا أعداءً أم حلفاء مفترضين أو حتى شركاء الهم والقضية أنفسهم، فتلك الأطراف هي التي أوصلته أساساً لحالة اليأس تلك والتي بدورها كانت دافعه للانتفاض، فأي شيطانٍ يوحي لها إذاً بأنها قادرة على إيقافه أو حتى عرقلته بنفس الأدوات التي حفزت تحركه؟! إن وعود السلطة الفلسطينية اليوم بإعادة تفعيل عملية التفاوض لن يكون لها صدىً في شارع الانتفاضة، وكذلك فإن إفراط سلطات الاحتلال بالقتل والانتقام وسحب الإقامات من الفلسطينيين لن يجدي نفعاً بإيقاف الانتفاضة بل سيكون له أثر معاكس بزيادة حدتها واتساع رقعتها، كما أن عدم انخراط فصائل المقاومة بالانتفاضة بحجة ترك الكلمة للشارع (وهي حجة كاذبة بكل تأكيد) لن يضعفها بل سيزيدها قوة، وينسحب هذا القياس على إدانات كيري وقلق بان كي مون واختفاء طوني بلير وتخلي العرب وتهديدات الدول المانحة.. إلخ. بكلمات أخرى، إن الشارع الفلسطيني وجّه لطمة مدوية لكل من حاول إيصاله إلى القاع ليعلن استسلامه وهزيمته، ومن خلال الانتفاضة الفلسطينية الثالثة وبكل ما تنطوي عليه وتختزنه من معاني الحياة والأمل والقدرة والإبداع والقوة لدى الفلسطيني جرى قلب الطاولة على الجميع محلياً وإقليمياً ودولياً، وانتقل اليأس من قلب الشارع إلى من أصابه به، وهذه النقطة بالتحديد تعكس تجسيداً حقيقياً لمضمون "انقلاب السحر على الساحر"! فهل ثمة من حيل جديدة تملكها كل الأطراف المعادية للقضية الفلسطينية - وحتى وإن اجتمعت - يمكن لها أن تعطل ما يجترحه الشارع الفلسطيني من معجزات..؟! لا أعتقد ذلك، بل إن مناهضي الحقوق الفلسطينية أنفسهم لا يعتقدون. قصارى القول: إن الانتفاضة الفلسطينية الثالثة دليل حياة ومبعث أمل، وإنجازٌ جديد يسجل لصالح الشعب الفلسطيني بأن قضيته قضية حقٍّ لا يموت مهما طال الزمن وتكالبت عليه ضواري الحرب والسياسة، وبدل أن يخشى بعض القادة الفلسطينيين من هذه الانتفاضة خوفاً على مكتسبات فارغة واتفاقات مذلة مع كيان الاحتلال أدعوهم للتكاتف مع الشارع، والتطاول بقاماتهم ليكونوا بمستوى هذا الإنجاز، فالشارع الفلسطيني يقدم اليوم فرصةً نادرةً لقادته حتى يدخلوا التاريخ من أوسع أبوابه: باب الرجولة!! فهل من رجال؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق