أميركا.. جهلٌ مطبق وإرهابٌ مستمر

(ياسر قشلق)
يعز أحياناً على بعض الساسة الأميركيين تضييع فرصةٍ يثبتون بها مقدار الجهل المطبق على العقلية الأميركية، ذلك الجهل، الذي طالما شكل عقال السياسة الخارجية لأقوى بلدٍ في العالم والذي تسبب بكوارث وفظائع ضد الإنسانية على مر التاريخ الحديث فشلت البشرية في أماكن كثيرة من اجتياز نتائجها رغم مرور عشرات السنين عليها -هيروشيما وناكازاكي-، مع الأسف لا يزال عنوان التعاطي الأميركي مع شعوب العالم، بل إنه يلخص فحوى السياسة الأميركية من ألفها إلى يائها.


المرشح السابق للرئاسة الأميركية جون ماكين، هو نموذج حيٌّ للجهل الأميركي، فرغم اقترابه من الثمانين من عمره، إلا أنه رافضٌ أن يتعلم وأن ينزع عصبة القراصنة عن عينه ليسمح لنفسه بنظرة موضوعية إلى ما يدور في الشرق الأوسط، وهاهو يطلق من «المختارة» هجوماً مفاجئاً وغير مبررٍ على سورية، ويعلن أنها «تواصل تمرير وتسهيل العمليات الانتحارية في العراق»!


الغريب حقاً أن أحداً لم يسأله عن العلاقات السورية العراقية، كل ما هنالك أنه سئل عن زيارة الرئيس الحريري إلى دمشق، فقال بالحرف: «هذا الموضوع شأن البلدين، إنما ما أعرفه في الموضوع العراقي أن السوريين يواصلون تمرير وتسهيل العمليات الانتحارية التي تقتل الأبرياء»!! ما دخل الإجابة بالسؤال؟! ألا تثبت تلك الإجابة أن عصابة المستشارين الملتفة حوله لقنته تلك العبارة قبل الزيارة ليرددها لاحقاً كـ«الببغاء الأخرق» حال سماعه كلمة «سورية»؟!!


المضحك في الأمر أن ماكين وأثناء وجوده في المختارة، التي تحولت إلى «محتارة» من هول تناقضاته، كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية تحلق في سماء الجبل، في خرق مستمر ودائمٍ للسيادة اللبنانية، ورغم هذا الفجور والإرهاب الإسرائيلي على رؤوس الأشهاد، إلا أن «اسكندر السياسة الأميركية» تجاهل الأمر تماماً وكأن آذانه معطوبة، وربما معه الحق في ذلك، فما تلك الطائرات التي ترهب أطفال لبنان وتقتل أطفال غزة إلا معونات عسكرية من بلاد العم سام لإسرائيل، فهل يعقل أن يطالب ماكين الحكومة الأميركية بإظهار رغبتها العملية بحل سلمي في المنطقة، كما طالب بذلك الحكومة السورية؟! بالتأكيد لا، فالجهل شيء والغباء شيء آخر.