2010/09/07

رسالة من عائد الى أبو حسين

سلام!
(ياسر قشلق)
أبو حسين.. هذه رسالتي الثالثة إليك منذ توليك رئاسة البيت الأبيض، تأتيك هذه المرة بمناسبة إطلاقك ما اصطلحتم على تسميته ب «المفاوضات المباشرة » بين أعدائي الصهاينة وبين أعداء أنفسهم وأرضهم وشعبهم.. فريق التفاوض.
بدايةً؛ أريد استباق نتائج ما شرعتم به من «مؤامراتٍ مباشرة » على وطني بأن أزف إليك نبأ فشلك منذ الآن، وكما قلت لك في رسالةٍ سابقة: إن تجربة دهرٍ من الألم أعمق أن تزيلها شهورٌ قليلة من المفاوضات، حتى وإن تجاوز حجم تآمركم على قضيتنا حجم القضية نفسها.وكما في رسائلي السابقة إليك، سأعيد أنا وأنت في رسالتي هذه ترتيب قصة فشلك الجديد، وسننطلق معاً كالعادة منذ البداية، أي من مبادرتك في إطلاق فكرة التفاوض نفسها للوصول إلى «سلام » بين مجموعة لا تمثل الفلسطينيين،وهذا سآتي عليه لاحقاً، وبين حلفائك الصهاينة.


لن أتطرق في رسالتي إلى التجاذبات المضنية التي سبقت ورافقت المبادرة، والتي شكّلت، كما أردتها، دليلاً لا يترك مجالاً للشك لمدى وفائك وإخلاصك لربيبتك «إسرائيل » وربما معك كامل الحق فانتخابات الكونغرس على الأبواب،إنما سأتحدث بمبدأ المفاوضات نفسه طارحاً عليك وعلى نفسي تساؤلاً محيراً،
هل تصدق أن عاقلاً يطلق مفاوضاتٍ لحل قضيةٍ معقدة وإشكالية كما هي حال القضية الفلسطينية دون أن يكون لديه مرجعية واضحة لها؟!! أنت فعلتها
يا أبو حسين، نعم فعلتها، ففي هذه المفاوضات لا توجد أية مرجعية وهي أطلقت دون شروط مسبقة، بل وأكثر من ذلك، لا يوجد فيها هدف محدد يرجى الوصول إليه، كل ما هنالك أنك تريد إنهاء الصراع وإحلال «السلام ،» أمّا كيف تريد الوصول إلى ذلك؟ فلا أعتقد أن أحداً يعلم، حتى أنت نفسك لا تعلم، لكنك تعمدت رغم ذلك ذر الرماد في العيون في خطابك خلال حفل إطلاق المفاوضات حين تحدثت أنها «ترمي إلى حل كل القضايا المتعلقة بالوضع
النهائي !!»وما يثير الارتباك والشكوك أكثر في هذه المفاوضات، أنك قبلت بمبدأ نتنياهو لبدء المفاوضات أنه «لا شروط مسبقة » لإطلاقها، ثم عدت وقبلت شرطه المسبق بأن «إسرائيل ستكون دولة يهودية »، قلت في خطابك نفسه:
إن «الهدف هو التوصل إلى تسوية تسفر عن قيام دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية قابلة للحياة والعيش جنباً إلى جنب في سلام وأمن مع دولة إسرائيل اليهودية.. »
هل لاحظت معي كم تخولك نزاهتك وحياديتك رعاية المفاوضات!! أتمنى حقاً يا أبو حسين أن يصبح لليهود دولة ولكن على أرضك الأميركية هذه المرة،
حتى تشعر بحجم مأساة أن يكون إلى جوارك ذئب ينتحل صفة «يهودي» .
ما يدعو إلى الضحك فيما قاله نتنياهو «لا شروط مسبقة لإطلاق المفاوضات» ، هو قدرته الفائقة على خداع الجميع بمن فيهم أنت «راعي المفاوضات »، فهو يرمي من كلامه، أن تبدأ المفاوضات من نقطة الصفر، ونقطة الصفر تعني، يفترض أنك تعلم ذلك، إنجاز «اتفاق مبادئ »، وهذا الموقف يعيدني بالذاكرة إلى «اتفاقات أوسلو » التي كانت هي الأخرى «اتفاق مبادئ » استلزم من الطرفان 17 عاماً مفاوضات مضنية وانتهت إلى ضرورة صياغة «اتفاق مبادئ » جديد، فهل تعتقد أن السنة التي حددتها ستكفي نتنياهو للوصول إلى «اتفاق مبادئ »؟!! أنا أعتقد أنه يلزمه 17 عاماً أخرى من الدوران في هذه الحلقة المفرغة، وحينها لن تكون رئيساً للولايات المتحدة إنما ناشطاً إنسانياً من طراز كارتر يساعد منكوبي الفيضانات في الربع الخالي!
النقطة الثانية التي أريد إثارتها في رسالتي إليك يا أبو حسين، هي الطرف الفلسطيني المفاوض، لا أدري كيف سمحت لنفسك أن تعتبره ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني ورئيسه )محمود عباس( فقد صلاحيته القانونية مع انتهاء فترة رئاسته في كانون الثاني 2009 ، هذا إن كان لديه بالأساس صلاحية قانونية.
عباس يا أبو حسين منعه خوفه من نتنياهو من التطرق إلى مسألة اللاجئين الفلسطينيين ولو لمجرد إشارة؟ في خطابه المكتوب تحدث أنه يريد إنهاء جميع مسائل الحل النهائي، تحدث عن كل المسائل، المياه والحدود..، كلها، عدا واحدة هي مسألة اللاجئين في بلدان الشتات! أعلم أننا لم نعد قضية بالنسبة له، لكننا نريده ونريدك أن تعلم أن «رجلاً » بمستواه لا يمكن أن يمثل شعباً عظيماً مثل الشعب الفلسطيني.
وبمناسبة الحديث عن اللاجئين، نحن اللاجئون بغنىً عن دفاع عباس عن حقنا بالعودة، فنحن سنعود تطبيقاً للقرار رقم 194 الصادر عن مجلس الأمن والقاضي بعودتنا إلى بيوتنا حال سنحت لنا الفرصة، وإني أعدك يا أبو حسين بأني أعمل على توفير هذه الفرصة، وقريباً ستصلك أصداء ما سنقوم به، نحن
العائدون، في هذا الخصوص.
أعود للحديث عن الشرعية، هل تعلم منْ مِن أبناء الشعب الفلسطيني يمتلك الشرعية التي تبحث عنها يا أبو حسين؟ أولئك الذين وزعوا الحلوى في مخيمات الشتات فرحاً بعملية الخليل، هذا هو الشعب الذي يملك الشرعية والسيادة، ووحده يملك الحق بقول الكلمة الأخيرة، لا نتنياهو ولا عباس، ولا
شهود الزور العرب الذي جلبتهم لتدشين حفلة «أشباح السلام .»
المشكلة أنك تراهن على بعض العرب، والعرب يراهنون على إسرائيل، وإسرائيل تراهن على أميركا، وهكذا دواليك.. فلسطين وحدها تقف متفرجة في هذه الدوامة، فهي يا أبو حسين لا تجيد الرهان، ولم تزر مرةً لاس فيغاس المفعمة بالعروبة. مخدوع أنت يا أوباما.
أبا حسين.. استمع إلى أحرار شعبي قبل أن تخوض أية مفاوضات باسمهم، استمع إلى أولئك الذين أرسلوا إليك برسالةٍ حملت عنوان بقعة طاهرة من وطني اسمها «الخليل »، رسالة عجزت قناة «الجزيرة » وال CNN عن إفهامك معناها، وعجزت أنت عن سماع دويها فخرجت عقبها وبمنتهى السذاجة لتدافع عن «أمن إسرائيل » متجاهلاً من جديد وبصورةٍ استفزازية ما تقوم به «ربيبتك » من جرائم يومية بحق أرضنا وسمائنا ومائنا.
أبا حسين.. أنت تعتقد أنك قريب من النجاح، لكنني أقولها لك إن القرب من النجاح لا يعني النجاح أبداً، النجاح يتطلب منك الاعتراف أولاً بما أنت عليه، اعترف أنك محاصر مثلي، اعترف أنني «وحدي » أحاول كسر حصاري وحصار شعبي على قلة ما أملك، ولم تستطع أنت فعل ذلك على كثرة ما تملك، اعترف أنك لا تملك إرادةً إنسانية متوحشة كإرادتي.
اعترف يا أبو حسين.. أن «إيباك » الصهيونية تنخر عظامك كما تنخر «إيباك » العربية عظامي، اعترف بضعفك حتى تجتازه، اعترف أنك عجزت عن مساندة أطفال فلسطين، اعترف أنك عجزت عن دعم سفينة «مريم » عليها السلام وهي تحمل السلام، اعترف.. فعند الاعتراف فقط يمكن أن نجتمع أنا وأنت على خارطة طريقٍ للخلاص من مأساتنا المشتركة، وعندها فقط يمكن لسلام الله أن يحل على أرض الله.
أريد أن أطلب منك أخيراً إيصال رسالة من شعبي الفلسطيني إلى لعبتك المفضلة عباس: ويل يا عباس لأمة تُذل أمام الغرباء وتقسو على أولادٍ خلقوا من رحم ترابها، وويلٌ لأمةٍ تنصاع لقراراتٍ نوقشت بلغةٍ لا تشبه لغتها تصبها في قدور الشعب المثخن بالجراح، وويلٌ لأمةٍ مزقت أجساد أبنائها، ثم أعلنت عليهم الحداد..
جريدة الأخبار

هناك تعليق واحد:

منى _ديرالزور يقول...

أحيي روحك المقاومة أحيي تحديك الشجاع احيي قلمك ولسانك الذي نطق بما يتمنى سماعه كل عربي شريف يغار على عروبته ولكن سيدي لست وحدك امام أبو حسن كلنا معك ويدنا بيدك في مواجهتم كلنا فلسطين كلنا ياسر قشلق وقلوبنا تقطر دمألمانراه منتشتت عربي ولكن لن ننتظر كشعوب لحظة الحسم من قادة تابعين سننهض سيدي معك وبأمرك وأمر كل حر على هذه الأرض لن نبقى متلقي الضربات علينا الهجوم للتخلص من كابوس اسمه إسرائيل فمن يواجه الحجارة ببندقية جبان وضعيف رغم ما يملك من قوة ونحن جاهزون المواجهة وبإنتظار لحظة الصفر _منى سوريا