2013/10/07

الحياد البذيء ..

(ياسر قشلق) مها طه
يُشاع أن الرحيل كان مرّاً هذه المرّة. فالبحارة رفضوا أن يحمل شعبي وطنين معه في الذاكرة. قالوا له إن المركب لن يقوَ على حمل وجعين دفعةً واحدة. كابر شعبي كعادته لكنّ البحّارة دفعوا بفلسطين لأول موجةٍ ألقت عليهم نشيد الرحيل.
يُشاع أيضاً أن فلسطين غرقت في البحر.. فادعوا أيها البطل ما بقي من أوطانٍ تتلوا على زبدها ما تيسَّر لها من ألم. واخرق مركبك الورقي واغرق ما فيه من صلواتٍ لها ودعواتٍ لم تجاب. وقل لشعبك الطيب أن ينتظرك في ميناءٍ آخر لا يرسل الأوطان إلى حتفها بسفنٍ صدئة. وهدّئ من روع الريح قليلاً فثمّة شطآنٌ أخرى باتت على محكِّ الهاوية..
ويا شعبي.. أقرئ بلاد لجوئك الجديدة سلامي. بلّغها أنّ غربتي عصيّةٌ على لجوءٍ جديد. وأنّ قلبي الصغير لم يعد يتسع لعلاقةٍ هزليّةٍ أذرف فيها مزيداً من الحنين. أخبروا بلادكم أني ما عدت أقوى على رحيلٍ آخر فأنا رجلٌ في منتصف الغياب. سأبقى عند حافة هذا الشاطئ المتكسّر حيرةً ووحشة. أنتظر خروج "فلسطيني" من البحر لأمسح عن كبريائها ما علق من زبدٍ ودموع. ففلسطين غرقت في البحر. أعني هكذا يشاع.



* * * * *
قالوا لعباس: يا ريّس، السويد تعطي الفلسطينيين وطناً بديلاً. قال لهم: إن السويديين أولاد حلال. وحين أفهموه أن ذلك يسقط حق العودة. قال لهم: إن السويديين أولاد حلال ومباركين أيضاً.
ذهبوا فوراً لاسماعيل هنية وأخبروه من الآخر بأن السويديين متآمرين وبأن عبّاس يحبهم، فأمرهم بإمطار السويد بصواريخ قسّام. وحين أفهموه أن السويد بلادٌ بعيدة جدّاً وأن القسام لا يجيد اللغات الأجنبية. أمرهم بفتح مسجدٍ هناك ومعهدٍ لتحفيظ القرآن.. "ويا حبّذا لو حملا اسم حسن البنّا" قال هنية، وأفهمهم أن ذلك فقط من أجل الحفاظ على الذاكرة الفلسطينية. ثم دعا على عباس بالشلل وأمّ بالحاضرين صلاة الغائب على أرواح من غرقوا في البحر.
* * * * *
لماذا يجب على الفلسطيني أن يبقى دائماً على الحياد؟ لماذا يعتبره الجميع ضيفاً لا يُسمح له بالتدخل حتّى باختيار جوز أمّه؟ لماذا مقدّرٌ على هذا الشعب أن يقبل بأيّ ابن كلب "عمّاً" له؟ نحن ضيوف في سوريا ولبنان والأردن وو.. حتى أن البعض يعتبر أن وجودنا في هذه الدنيا "ضيوفاً للرحمن" لذلك لا يجد غضاضةً في تقديمنا قرابين كلّما حل به مغصٌ بسياساته العقيمة.
لا أريد إجابةً عن كل ما فات، وسأرضى أن أبقى على الحياد إن أجبتموني على سؤالٍ متعبٍ ينخر عظامي: لماذا تقوم الدنيا ولا تقعد إن طالبت الجميع بعدم التدخل في فلسطين؟ لماذا يسقطون عنّي وطنيتي عندما أفهمهم أن فلسطين ليست قضية عربية ولا إيرانية ولا روسية ولا أميركية ولا أمميّة.. فلسطين قضيّة فلسطينية فقط. ووحدهم أبناؤها من يملكون الحق في صياغتها وحمايتها وإضاعتها وتحريرها وتقسيمها ووو.. كما يشاؤون؟!!
تباً لحيادكم البذيء..


هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

اخي ياسر مواضيعك رائعة ..............وياريت تكتب عن الجصار اللبناني الاردني السعودي المصري الخايجي المغربي على فلسطيني سوريا ...وتجعل صوتك معنا نحن المظلومين في سوريا وانت من فلسطيني عام 1948 اللذين حرموا من الجنسية السورية تطبقا لسايكس بيكو الذي رفضه اهل صفد وظلوا يتبروا انفسهم سوريين ويعتبروا السوري فلسطيني حتى قيام دولة الاحتلال وتوقيع اتفاقيات الهدنة

غير معرف يقول...

اخي ياسر مواضيعك رائعة ..............وياريت تكتب عن الجصار اللبناني الاردني السعودي المصري الخايجي المغربي على فلسطيني سوريا ...وتجعل صوتك معنا نحن المظلومين في سوريا وانت من فلسطيني عام 1948 اللذين حرموا من الجنسية السورية تطبقا لسايكس بيكو الذي رفضه اهل صفد وظلوا يتبروا انفسهم سوريين ويعتبروا السوري فلسطيني حتى قيام دولة الاحتلال وتوقيع اتفاقيات الهدنة